الاوروبيون أمام معضلة خروج أثينا من منطقة اليورو أو بقائها فيها

Read this story in English W460

مع تصويت اليونانيين بكثافة على رفض خطة التقشف التي طرحها الدائنون، بات الاتحاد الاوروبي وفي مقدمه المانيا امام معضلة ما بين دفع اليونان الى الخروج من منطقة اليورو او ابقائها فيها رغم كل الصعوبات، بحسب ما يرى المحللون.

واجتماع المستشارة الالمانية انغيلا ميركل والرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الاثنين في باريس يفترض ان يعطي بوادر اجابة على هذه المسألة قبل قمة لمنطقة اليورو مقررة الثلاثاء.

واتفق عدد من القادة الاوروبيين من برلين الى روما قبل الاستفتاء في اليونان على اعتبار فوز معسكر الرفض لخطة الدائنين (الاتحاد الاوروبي والبنك المركزي الاوروبي وصندوق النقد الدولي) وفق ما دعت اليه حكومة اليسار الراديكالي اليونانية هو بمثابة رفض لليورو بل حتى لاوروبا.

ومع تجاهل الناخبين اليونانيين هذا الامر، باتت المسألة مطروحة الان على الاتحاد الاوروبي الذي يشهد اخطر أزمة يواجهها منذ تاسيسه.

والواقع ان الاتحاد الاوروبي دخل هذه المرحلة الصعبة بدون ان يكون مستعدا لها بالفعل، ووسط انقسامات في صفوفه ما بين المتشددين وعلى رأسهم برلين والمتمسكين بالابقاء على قنوات الحوار على غرار باريس وروما.

وقال نيكولا فيرون الخبير الاقتصادي في معهد بروغل الاوروبي للدراسات ان "العديدين راهنوا على عقلانية العملية وظنوا رغباتهم واقعا" بمراهنتهم على ال"نعم" في الاستفتاء.

ويرى الخبير ان المسالة لم تحسم بعد موضحا انه "سيتحتم على الدول الاعضاء اعطاء فرصة جديدة للمفاوضات" من اجل تجنب كارثة مالية تعرض اليونان للخروج "ربما بسرعة كبيرة" من اليورو رغما عن ارادتها.

واكد وزير المالية اليوناني يانيس فاروفاكيس ان فوز ال"لا" في الاستفتاء هو "اداة ستساعد على مد يد التعاون لشركائنا".

لكن فيرون حذر بانه "ستكون هذه حقا الفرصة الاخيرة، ولم يعد هناك سوى وقت ضئيل".

وكان وزير الاقتصاد الالماني اول من علق على نتيجة الاستفتاء في اليونان اذ اعلن من برلين انه "يصعب تصور" مفاوضات جديدة بين الاوروبيين واثينا معتبرا ان رئيس الوزراء اليوناني الكسيس تسيبراس "قطع اخر الجسور".

ويرى بيتر كليبي من مركز "اوبن يوروب" للدراسات ان على اوروبا ان تستعد لعودة الدراخما في اليونان موضحا "لماذا نستمر في التظاهر كما لو ان شيئا لم يحصل واهدار الوقت، في حين هناك خطر كارثة اجتماعية" يهدد هذا البلد.

وقال رئيس البرلمان الاوروبي مارتن شولتز "ربما يترتب علينا منح قروض عاجلة لاثينا حتى تستمر الخدمات العامة في العمل وان يتلقى الناس المحتاجون المال الضروري للاستمرار".

وشددت آن لور دولات الخبيرة الاقتصادية الباحثة في "المركز الوطني للبحث العلمي" الفرنسي الحكومي ان "ما يمكن ان يلعب ضد اليونانيين هو فكرة ان منطقة اليورو ستكون افضل حالا بدونهم" وهي فكرة منتشرة بصورة خاصة في دول البلطيق وفنلندا وهولندا، وكذلك "ضغط الناخبين المحافظين الالمان الذين يرفضون دفع المزيد من الاموال".

الا ان هذا ما يريده تحديدا اليونانيون من خلال اعادة هيكلة دينهم العام الهائل، لقاء القبول بالاقتطاعات في الميزانية وبالاصلاحات التي يطالب بها الدائنون.

وقدم لهم صندوق النقد الدولي دعما كبيرا الخميس اذ دعا الاوروبيين الى تخصيص اموال جديدة لليونان.

وكتب وزير المالية السلوفاكي بيتر كازيمير وهو من المتشددين ضد اليونان في تغريدة ان "كابوس مهندسي اليورو المتمثل في احتمال خروج بلد من النادي يبدو سيناريو واقعيا".

لكن بالرغم من الخلافات المتراكمة تبقى الحجج المؤيدة لبقاء اليونان في منطقة اليورو كثيرة وتشير دولات بهذا الصدد الى "الغموض التام" حول العواقب الاقتصادية والجيوسياسية لخروج اليونان و"ضغط الاميركيين الذين يريدون باي ثمن تفادي خطر ازمة مالية جديدة".

وبتقبلها مثل هذا "الفشل" مع خروج اليونان، فان اوروبا ستواجه المزيد من المخاطر بنظر الباحثة بسبب ما سيقدمه هذا الاحتمال من حافز لمعسكر "المشككين في اوروبا والمتطرفين" وقد راى اثنان من القادة الرئيسيين لهذا المعسكر الفرنسية مارين لوبن والبريطاني نايجل فاراج في فوز ال"لا" انتصارا على "الاملاءات الاوروبية".

ويقول باسكال دولويت استاذ العلوم السياسية في جامعة بروكسل الحرة ان "القادة الاوروبيين لا يريدون فتح الباب على مصراعيه امام تكرار السيناريو ذاته" موضحا انه "بعدما يصبح هناك سابقة، لن يعود بوسعكم بعد ذلك القول ان هذا +لن يحصل ابدا+... وهذا يهدد بالقضاء على بوادر الانتعاش الاقتصادي التي نلاحظها منذ بضعة اشهر".

لكنه يرى ان "هذه وجهة نظر عقلانية ... ولست واثقا بان العقل هو الذي غلب على الدوام" في الملف اليوناني.

التعليقات 0