بعد نزوحهم الى الساحل السوري.. أهالي حلب يبدأون رحلة العودة

Read this story in English W460

بعدما شكلت مدينة اللاذقية خلال السنوات الماضية وجهة للنازحين من مدينة حلب، لم يعد اي منهم يطرق باب مكتب سائر دقاق لاستئجار شاليهات على شاطىء البحر في هذه المنطقة الساحلية التي تعد الاكثر أماناً في سوريا.

خلال السنوات الماضية، شكلت الشاليهات المطلية باللون الابيض المتراصة على الشاطئ الازرق في شمال اللاذقية، مقصداً لمئات الالاف من اهالي حلب الذين فروا من المعارك التي شهدتها مدينتهم منذ صيف العام 2012.

وبات هذا الشاطئ  يعرف باسم "شاطىء الحلبيين" نظرا لكثرة الوافدين اليه من المدينة، لكن استعادة الجيش السوري سيطرته على حلب في كانون الاول أدى الى تراجع الطلب بشكل كبير على الشاليهات. 

واختار عدد كبير من النازحين أن يعودوا أدراجهم فيما بقي آخرون بغياب وجود اي بدائل او امكانيات للعودة.

ويقول دقاق (42 عاماً) الذي يدير مكتباً لتأجير الشاليهات لوكالة فرانس برس "بين اربعين الى خمسين في المئة من الناس هنا (النازحون الحلبيون) عادوا" الى مناطقهم.

وبحسب محافظة اللاذقية، فإن اكثر من ثلاثين في المئة من النازحين من حلب وريفها المقدر عددهم بنحو 700 الفاً تركوا اللاذقية في الاشهر الست الاخيرة.

ويوضح دقاق وهو يلعب الورق مع اصدقائه "منذ ستة اشهر، لم تأت أي عائلة لاستئجار شاليهات لشهر او لعام" مضيفاً ان الشاطئ "نصفه فارغ".

على شرفات الشاليهات، حلت أغطية بلاستكية تبدو قديمة مدموغة بشعار المفوضية العليا لشؤون اللاجئين مكان الستائر. وامام مداخلها، يلهو فتيان بصدور عارية شديدة السمرة تحت اسلاك كهربائية متدلية في وقت تفوح رائحة البطاطا المقلية من معظم الشقق.

- "يكدون في العمل" -بعد اندلاع النزاع في سوريا منتصف اذار/مارس 2011، تضاعف تقريباً عدد سكان مدينة اللاذقية، التي تعد احد معاقل النظام، بعد تدفق النازحين من انحاء البلاد كافة وخصوصاً حلب. ونشطت الحركة الاقتصادية في المدينة التي كانت تعتمد على عائدات مرفئها وشواطئها مع افتتاح النازحين من حلب مؤسسات ومحال خاصة بهم.

ويقول دقاق "يُعرف عن الحلبيين انهم يكدون في العمل. بات لدى معظمهم اعمال هنا، في الخياطة والاحذية والالبسة والتجارة ومنهم من اشترى اراض ومصانع".

في طابق ارضي تحول الى مصنع للاحذية، يعمل طلال (22 عاما) النازح منحي باب النيرب في مدينة حلب..

ويقول فيما يستريح في عطلة نهاية الاسبوع "على الاقل هنا لديّ عمل. اذا عدت الى حلب لا شيء يضمن انني قد أجد عملاً".

وبالقرب منه، يوضح رب العمل أيهم ان اربعة عمال من حلب ما زالوا يعملون لديه بعدما كان عددهم عشرة.

وعدا عن خشيتهم من فقدان مصدر رزقهم، لم يجد نازحون آخرون امامهم سوى خيار البقاء في اللاذقية بعدما دمرت منازلهم خلال المعارك.

داخل شاليه متواضع، تجلس ام محمد على فراش يشكل مع مقعد محتويات غرفة الاستقبال حيث تنام مع زوجها، فيما يتقاسم اربعة من افراد العائلة غرفتين في الشقة ذاتها.

-"اليوم نبكي"-بحسرة، تتذكر هذه السيدة التي ترتدي حجاباً ابيض اللون منزلها الحلبي التقليدي المؤلف من فناء واسع وخمس غرف كبيرة، في حي الشعار الذي كان تحت سيطرة الفصائل المقاتلة في حلب.

وتقول "سُوي بيتنا بالارض" مضيفة "ذهب اولادنا لتفقد المنزل ووجدوا السقف منهاراً.. لا يُسكن فيه أبداً".

لم تتوقع هذه السيدة الستينية ان تجد نفسها نازحة تقيم في اللاذقية بعدما كانت تقصد شواطئها مع عائلتها لقضاء وقتت ممتع قبل اندلاع الحرب.

وتوضح "قبل، كان هناك الكثير من الفرح. اليوم نبكي ولا نعرف اذا نبكي  بيتنا، أبناءنا أو أمواتنا".

لا تختلف معاناة ام قاسم التي كانت تقيم في المدينة القديمة في حلب قبل اندلاع النزاع عن ام محمد.

وتقول وبقربها يجلس اولادها الاربعة "ذهبت مرة لتفقد المنزل. لم أجد غرفة النوم، سرقوا كل شيء. إذا عدنا، علينا أن نبدأ من الصفر".

وتتراوح كلفة ايجار الشاليه بين خمسين ومئة دولار شهرياً، مبلغ لا تتمكن عائلات سورية كثيرة من تحمله. وتعتمد عائلة ام قاسم على دخل ابنها الذي يعمل خياطاً واثنتين من فتياتها يعملن لدى طبيب أسنان.

وتقول احداهن وتدعى جنى "لا بنى تحتية" في حلب.

وتضيف "مهما قلنا، هنا غربة، لكن أقله هنا لدينا ماء وكهرباء".

التعليقات 0