القوات العراقية تستعيد راوة آخر بلدة يسيطر عليها الجهاديون في البلاد

Read this story in English W460

أعلنت القوات العراقية الجمعة فرض كامل سيطرتها على راوة آخر البلدات التي كانت خاضعة لتنظيم الدولة الإسلامية في البلاد غربا بمحاذاة الحدود مع سوريا، حيث يتعرض الجهاديون لهجوم في آخر أكبر معاقلهم.

وتعتبر راوة الواقعة في محافظة الأنبار الغربية، آخر منطقة كانت تتواجد فيها هيكلية حاكمة وعسكرية وادارية للتنظيم المتطرف، لكن لا تزال هناك جيوب اخرى فر اليها عناصر التنظيم في المناطق المجاورة.

وبذلك، يكون تقلص وجود التنظيم المتطرف الذي احتل في العام 2014 بعد هجوم واسع ما يقارب ثلث مساحة العراق ونحو نصف مساحة سوريا المجاورة وأعلن "الخلافة" منهما، الى أقل من خمسة في المئة من تلك المساحة، بحسب التحالف الدولي ضد الجهاديين.

وبعد خسارة راوة، خسر التنظيم إذا موطىء قدمه الثابت الاخير، لكنه يبقى قادرا على شن هجمات على طريقة حرب العصابات من المناطق التي انكفأ اليها، كما كان الأمر عليه قبل العام 2013، وفق ما يقول خبراء.

وشرعت القوات العراقية في عمليات تطهير المناطق الصحراوية على طول الحدود مع سوريا لدحر آخر الجهاديين.

وقال المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة العميد يحيى رسول "عسكريا انتهى التنظيم، لكننا سنستمر في ملاحقة ما تبقى من الفلول وننهي تواجدهم".

وقبل أسبوعين تماما، استعادت القوات العراقية مدينة القائم المجاورة، قلب المعقل الصحراوي لتنظيم الدولة الإسلامية، من دون مقاومة تذكر تقريبا.

ويؤكد مسؤولون عسكريون ومحليون أن الجهاديين يفرون عموما إلى سوريا قبيل وصول القوات العراقية التي أعلنت هذه المرة عن وصولها من الجهة المقابلة من نهر الفرات، من خلال دعوة السكان عبر مكبرات الصوت إلى رفع الأعلام البيضاء، والجهاديين عبر موجات الراديو إلى الاستسلام.

وأعلنت قيادة العمليات المشتركة العراقية صباح الجمعة في بيان عن "انطلاق عمليات تحرير راوة" فجرا.

وبعد أقل من ثلاث ساعات، أصدرت بيانا ثانيا أشارت فيه إلى أن القوات العراقية "حررت قضاء راوة بالكامل ورفعت العلم العراقي فوق مبانيه"، على بعد 350 كيلومترا غرب بغداد.

وقال قائد الفرقة السابعة في الجيش اللواء الركن نومان عبد الزوبعي لوكالة فرانس برس إن القوات "تقوم بعمليات تطهير المدينة من تنظيم داعش الإرهابي، ورفع المخلفات الحربية من الألغام والعبوات الناسفة".

- تأمين الصحراء -على الجانب الآخر من الحدود، تقع مدينة البوكمال التي تشكل آخر معقل مهم لتنظيم الدولة الاسلامية في سوريا في محافظة دير الزور الغنية بالنفط.

وكان الجيش السوري أعلن استعادة كامل المدينة الأسبوع الماضي، إلا أن التنظيم المتطرف شن هجوما مضادا واستعاد السيطرة على نحو نصف مساحتها.

ويسيطر الجهاديون على ما يقارب 25 في المئة من محافظة دير الزور السورية، إضافة إلى بعض الجيوب في محافظة حماه (وسط)، ودمشق، وفي جنوب البلاد.

وتسعى القوات العراقية والسورية على جانبي الحدود الى تضييق الخناق على تنظيم الدولة الإسلامية في آخر مربع له في وادي الفرات الصحراوي الذي يمتد من دير الزور إلى راوة.

لكن ذلك لا يعني القضاء على القدرة العملانية لتنظيم الدولة الإسلامية وثنيه عن القيام بعمليات خاطفة ودامية، كما كان عليه الأمر في أعوام ما قبل الـ2013.

ويقول المحلل الأمني هشام الهاشمي لوكالة فرانس برس إن "ما يتم تحريره هو فقط الوحدات الإدارية المأهولة بالسكان".

وأضاف أنه بعد استعادة راوة "تبقى الوديان والجزر والصحارى والبوادي التي تشكل 4 في المئة من مساحة العراق ولا تزال تحت سلطة داعش".

وأمام التقدم السريع للقوات العراقية في المناطق الصحراوية ذات الجغرافية الصعبة، تُسجل انسحابات في صفوف عناصر التنظيم المتطرف.

وكان المتحدث باسم التحالف الدولي الكولونيل راين ديلون أكد لفرانس برس أن "قيادات داعش تترك أتباعها للموت أو للقبض عليهم في تلك المناطق". لكنه أشار في الوقت نفسه إلى أن العناصر الذين يتمكنون من الهروب "يختبئون في صحراء" وادي الفرات الأوسط التي كانت على مدى سنوات خلت معبرا للتهريب ودخول الجهاديين وغيرهم من المقاتلين المتطرفين.

وفي هذا السياق، ومن تلك المناطق الصحراوية أو الجيوب الخارجة عن سيطرة القوات العراقية "سيسعى الدواعش إلى شن هجمات  لزعزعة استقرار السلطات المحلية، ومواصلة العمليات الخارجية والإعلامية، سواء من خلال التخطيط لها أو إلهام مهاجمين في الخارج، للحفاظ على غطاء من الشرعية"، وفق ما أكد ديلون.

ويرى الباحث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية في باريس كريم بيطار أن القوات العراقية أتمت مهمة صعبة، معتبرا أن "وهم الخلافة الذي كان قادرا على محو الحدود التي فرضها اتفاق سايكس-بيكو، أوشك على نهايته".

التعليقات 0