سعد الحريري صاحب مسيرة سياسية لقيت باستمرار دعما من السعودية

Read this story in English W460

سعد الحريري الذي يصل الى فرنسا خلال الساعات القادمة مع عائلته هو الوريث السياسي لرئيس الحكومة الاسبق رفيق الحريري، وصاحب مسيرة سياسية صعبة لقيت باستمرار دعما من السعودية التي يغادرها على خلفية سيناريوهات وشكوك ب"احتجازه" فيها.

وقدم الحريري في الرابع من تشرين الثاني استقالته من رئاسة الحكومة من الرياض، بشكل مفاجئ، حاملاً على ايران وحزب الله.

وسطع نجم سعد الحريري (47 عاماً) في العام 2005، زعيماً سياسياً بعدما قاد فريق "قوى 14 آذار" المعادي لسوريا الى فوز كبير في البرلمان، ساعده في ذلك التعاطف معه بعد مقتل والده في تفجير مروع في وسط بيروت، والضغط الشعبي الذي تلاه وساهم في إخراج الجيش السوري من لبنان بعد نحو ثلاثين سنة من تواجده فيه. 

وأحدث ذلك في حينه انقلاباً في المشهد السياسي اللبناني الذي كانت دمشق اللاعب الاكثر نفوذاً فيه على مدى عقود.

في 3 تشرين الثاني 2016، تولى رئاسة الحكومة للمرة الثانية. وكانت المرة الاولى بين 2009 و2011 حين ترأس حكومة وحدة وطنية ضمت معظم الاطراف اللبنانيين، وأسقطها حزب الله وحلفاؤه وعلى رأسهم ميشال عون بسحب وزرائهم منها.

في المرة الثانية، عاد الحريري بناء على تسوية اتفق عليها مع ميشال عون الذي انتخب رئيساً للجمهورية في تشرين الأول العام 2016 بعد عامين ونصف من الفراغ الرئاسي. 

وبعد سنة على تكليفه رئاسة الحكومة التي شكلها في أواخر العام 2016، أعلن الحريري استقالته التي شكلت هزة كبيرة في لبنان، لا سيما بعد مسارعة خصومه الى اعتبار قرار استقالته "سعوديا"، وصولا الى ملة دبلوماسية قام بها الحكم اللبناني متهما الرياض بابقاء الحريري لديها "رهينة".

وزاد في الارباك أن الحريري أمضى سنوات طويلة من حياته في السعودية الى حين بدء مسيرته السياسية. وكانت الرياض باستمرار مساندة له في كل خياراته السياسية.

وفي الماضي، قال مقربون منه مرارا لوكالة فرانس برس ان عائلته بقيت في السعودية بعد خوضه معترك السياسة في لبنان "لاسباب امنية".

وفي مواجهة الشائعات والسيناريوهات حول احتجازه او وضعه في الاقامة الجبرية، رد الحريري خلال الايام الماضية عبر "تويتر" بانه وعائلته "بالف خير" في السعودية.

وغرد اليوم "‏إقامتي في المملكة هي من أجل إجراء مشاورات حول مستقبل الوضع في لبنان وعلاقاته بمحيطه العربي. وكل ما يشاع خلاف ذلك من قصص حول إقامتي ومغادرتي او يتناول وضع عائلتي لا يعدو كونه مجرد شائعات".

- تنازلات -ولم يعمل سعد الحريري في السياسة بتاتاً خلال حياة والده. وسمته العائلة لخلافته في العمل السياسي بسبب "دبلوماسيته"، بحسب مقربين.

طويل القامة، وتتسم اطلالاته الاعلامية غالباً بالهدوء. الا انه تعلم كذلك على مدى السنوات الماضية كيف يصبح خطيباً يحرك الحماسة بين انصاره، بعدما انتقده معارضوه كثيراً لعدم قدرته على التعبير بشكل جيد باللغة العربية.

عندما يتحدث عن مشاكل لبنان او عن والده، غالبا ما تغرورق عيناه بالدموع عبر شاشات التلفزة، الامر الذي يكشف، بحسب محبيه، "صدقه"، وبحسب معارضيه "ضعفه".

وبرغم من القاعدة الشعبية العريضة التي انطلق منها، لم يحقق الكثير في مشواره السياسي بسبب عمق الانقسامات في لبنان، بل اتسمت مسيرته بكثير من التنازلات وخصوصاً خلال مواجهات سياسية عديدة مع خصمه الأبرز حزب الله.

واتهم  سعد الحريري النظام السوري بالوقوف وراء اغتيال والده، لكنه اضطر بعد تسلمه رئاسة الحكومة في 2009 وتحت وطأة الضغوط السياسية الى القيام بزيارات عدة الى دمشق، وصولا الى اعلانه في آب 2011 ان اتهامه لسوريا كان "سياسيا".

كما اعلن مراراً انه لن يقبل بحكومات وفاق وطني يعرقل فيها حزب الله اتخاذ القرارات، قبل ان يشارك تيار المستقبل الذي يتزعمه في الحكومات المتتالية.

ورفض وصول ميشال عون الى رئاسة الجمهورية بشدة على مدى سنوات، قبل ان يعمد الى ترشيحه بنفسه في 20 تشرين الاول، ضامنا له أكثرية نيابية أوصلته إلى الرئاسة.

وعلى الرغم من انتقاده الشديد لتدخل حزب الله في القتال الى جانب النظام السوري، وافق على تسوية حكومية معه، قبل ان يطالبه في بيان استقالته بالانسحاب من النزاعات.

في المقابل، نجح في التغلب على حزب الله مرة ثانية في الانتخابات النيابية في 2009، ولم تجر انتخابات منذ ذلك الوقت.

ولم يخضع للضغوط التي تعرض لها من الحزب خلال ترؤسه الحكومة، للتنصل من المحكمة الدولية المكلفة النظر في اغتيال والده والتي وجهت اتهامات الى خمسة عناصر من حزب الله.

عاش سعد الحريري بين العامين 2005 و2007 لفترات طويلة خارج لبنان في مرحلة كانت تشهد اغتيالات استهدفت شخصيات سياسية واعلامية مؤيدة لخطه السياسي.

- الثروة والاعمال -ولد سعد الحريري في 18 نيسان 1970. وهو يحمل إجازة في الاقتصاد من جامعة جورج تاون في واشنطن.

وهو متزوج من لارا بشير العظم التي تنتمي الى عائلة سورية عريقة شاركت في السلطة في سوريا خلال الخمسينات، وأولاده حسام الذي تخرج من مدرسة سعودية وانتقل للتحصيل الجامعي الى الولايات المتحدة، وعبد العزيز ولولوة.

ويروي مقربون منه انه يهوى الطبخ، ويطبخ احياناً لاصدقائه. كما يهوى القيام بتمارين رياضية منتظمة.

ورث الحريري عن والده، بالاضافة الى السياسة، ثروة ضخمة وشبكة واسعة من العلاقات حول العالم. وكان يتولى إدارة شركة "سعودي-اوجيه" للبناء والتعهدات التي كانت الركيزة الاساسية في بناء ثروة رفيق الحريري.

في الآونة الاخيرة، تفاقمت مشاكل الحريري المالية مع مواجهة "سعودي-اوجيه" عثرات كبيرة اجبرتها على الاستغناء عن مئات الموظفين والعاملين لديها في السعودية، ما انعكس سلبا على المؤسسات التي يملكها في لبنان. 

وقال بعد تسلمه رئاسة الحكومة الاخيرة ان التزامه السياسي كلفه الكثير من ثروته.

التعليقات 0