واشنطن تبقى اساسية في عملية السلام في الشرق الأوسط رغم الانتكاسة في الامم المتحدة

Read this story in English W460

قد تكون انتكاسة واشنطن الكبيرة في تصويت الجمعية العامة للامم المتحدة الخميس على رفض قرار الرئيس الاميركي بشأن القدس مصدر احراج للولايات المتحدة لكن اي مزاعم عن خسارة دورها كوسيط في الشرق الاوسط ستكون سابقة لاوانها على الارجح.

أيدت غالبية ساحقة من الدول الاعضاء في الامم المتحدة، وبينها عدد من حلفاء واشنطن وأخرى تتلقى مساعدات كبيرة منها، القرار الذي يدين اعتراف دونالد ترامب بالقدس عاصمة لاسرائيل.

وفي مؤشر على اهمية التصويت، حذرت السفيرة الاميركية نيكي هايلي بان ترامب سيراقب العملية وبأنها "ستسجل اسماء" الدول التي تخذله.

لكن الواقع أن سياسة "أميركا أولا" التي يتبعها ترامب أفضت مرة جديدة إلى "أميركا وحيدة"، ما جعل بعض الفلسطينيين يجاهرون بأنه لا يمكن للولايات المتحدة بعد الان أن تلعب دور وسيط سلام.

وأرجا نائب الرئيس الاميركي مايك بنس زيارة كانت مقررة الى المنطقة هذا الاسبوع، بعد ان رفض القادة الفلسطينيون ورجال الدين المسيحيين العرب استقباله.

- وسيط سلام -يقول بعض الخبراء أنه قد يكون من الافضل لواشنطن ان تلزم الهدوء لبضعة اسابيع بانتظار تبدد العاصفة.

لكن ان كان هناك اي إمكانية للتوصل إلى اتفاق سلام لطالما تم السعي إليه بين اسرائيل والفلسطينيين، هناك وسيط واحد يمكنه الاسهام فيه.

وقال ديفيد ماكوفسكي، الخبير المخضرم في عملية السلام والباحث في معهد واشنطن لسياسات الشرق الاوسط ، "كانت هناك من قبل تقلبات في هذا الملف".

وقال لوكالة فرانس برس ساخرا "لو راهنت بدولار كل مرة قيل فيها +انتهى الامر، الولايات المتحدة ليست وسيطا+ ...".

وقلل دان شابيرو، السفير السابق لدى اسرائيل في عهد الرئيس باراك اوباما، من اهمية التصويت ووصفه بـ"مهزلة مثيرة للشفقة للامم المتحدة" وحث واشطن على اعادة التركيز على هدفها.

وقال على تويتر "ما هي استراتيجية الولايات المتحدة لانهاء النزاع، التوصل الى دولتين، تجنب واقع قوميتين؟ او على الاقل ابقاء تلك الاهداف حية؟".

من المفترض أن تتضح هذه الاستراتيجية في الاسابيع او الاشهر القادمة عندما يكشف صهر ترامب وموفده الخاص الى الشرق الاوسط جاريد كوشنر مقترحه المرتقب.

منذ تولي ترامب منصبه تقريبا، يقوم كوشنر وزميله محامي العقارات جيسون غرينبلات بزيارات مكوكية بين البيت الابيض والمنطقة، عاملين على وضع خطط.

ولم يتسرب الكثير من التفاصيل بهذا الصدد، لكن يتردد في أوساط واشنطن أن المقترح سيكون صيغة أقل إلزامية للخطة على أن يتفاوض الطرفان الإسرائيلي والفلسطيني على تفاصيل الحل النهائي.

ترك كوشنر وغرينبلات اساسا انطباعا جيدا على القادة في المنطقة، رغم مخاوف الفلسطينيين إزاء تعاطف ترامب مع بناء مستوطنات اسرائيلية على اراض محتلة.

لكن قرار اميركا الاحادي الجانب الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل دون ان يتفق الاطراف اولا على تقاسم السيادة على المدينة المقدسة، اغضب الفلسطينيين.

والغيت اجتماعات مقررة مع بنس، وشعر الموفدون الفلسطينيون بطعم الانتصار المر عندما اتحد العالم في الامم المتحدة الخميس لادانة موقف ترامب.

- اطر سلام -قال المندوب الفلسطيني في الامم المتحدة رياض منصور لوكالة فرانس برس بعد التصويت "128 صوتا مقابل 9 اصوات (...) هذه انتكاسة كبيرة للولايات المتحدة الاميركية".

لكن إن كان الفلسطينيون يأملون الان في وسيط مناسب أكثر، فقد يصابون بالخيبة.

وصوتت فرنسا الى جانب حلفاء آخرين لواشنطن مثل بريطانيا وتركيا والسعودية، ضد قرار ترامب لكن السفير الفرنسي فرنسوا دولاتر  قلل من اهمية التصويت.

وقال للصحافيين "قرار اليوم بكل بساطة يعيد تأكيد القانون الدولي الذي ينطبق على القدس".

واضاف "المهم الان اكثر من اي وقت مضى أن يتكاتف المجتمع الدولي خلف اطر عملية سلام متفق عليها، ومن ضمنه بالطبع الولايات المتحدة".

وعن وساطة واشنطن قال السفير "الجميع يعرف دورها الخاص ووزنها في هذا الملف".

ولذا مهما كان شعور الفلسطينيين اليوم بعد انتصار اجرائي نادر، فإنهم في العام المقبل قد يجدون انفسهم مجبرين على التعاطي مع اي خطة جديدة يحملها كوشنر.

وقال ماكوفسكي ان ترامب لم يستبعد ابدا عاصمة فلسطينية في القدس الشرقية، معتبرا أنه كان يجدر بالمسؤولين الاميركيين ان يشرحوا ذلك على التلفزيونات العربية.

وأوضح "انظروا الى ما قاله الرجل، أنه يريد ترك المسألة مفتوحة امام الاطراف للتفاوض على أي ترتيبات سيادة يريدونها، ومن ضمنها السيادة على المواقع الدينية".

واضاف "لن اقول ان الموضوع انتهى ودُفن".

وتابع "شعوري انه اذا قدم كوشنر وغرينبلات خطة سلام في الربع الاول من 2018، أعتقد ان عليهم (الفلسطينيين) ان يأخذوها بشكل جدي".

دك-سمل/غد/دص

ومن اصل 193 دولة في الجمعية العامة، ايدت 128 منها القرار الذي يدين اعتراف دونالد ترامب بالقدس عاصمة للدولة العبرية في 6 كانون الاول/ديسمبر، في حين رفضته تسع دول هي الولايات المتحدة واسرائيل وغواتيمالا وهندوراس وتوغو وميكروزينيا وناورو وبالاو وجزر مارشال.

وايد العديد من حلفاء واشنطن القرار بينهم فرنسا وبريطانيا.

وفي مؤشر يؤكد ان ضغوط واشنطن وتهديداتها لم تمر مرور الكرام، امتنعت 35 دولة عن التصويت بينها كندا والمكسيك والارجنتين وبولندا والمجر وغابت عن الاجتماع 21 دولة اخرى.

وقبل التصويت، راهن العديد من السفراء الذين تحدثت اليهم فرانس برس على تنديد اوسع للقرار يراوح بين 165 و190 دولة.

وهذا التصويت ليس ملزما وقد اكدت الادارة الاميركية انها لن تغير موقفها.

التعليقات 0