خلط أوراق التحالفات السياسية في بغداد وليلة هادئة في البصرة

Read this story in English W460

أدت التظاهرات الدامية في البصرة السبت إلى انقلاب الطاولة في بغداد على رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، مع مطالبة القائمتين الرئيسيتين اللتين فازتا في الانتخابات التشريعية التي جرت في أيار/مايو الماضي باستقالته.

ومساء السبت، شهدت شوارع البصرة هدوءا للمرة الأولى منذ الرابع من أيلول/سبتمبر.

وأعلنت قيادة العمليات المشتركة ليل السبت رفع حظر التجوال الذي فرض في وقت سابق من اليوم في المدينة، بعد ليلة هادئة هي الأولى دون حوادث منذ انطلاق الاحتجاجات الدامية.

وكان مراسل من وكالة فرانس برس أفاد في وقت سابق عن انتشار كثيف لقوات مكافحة الإرهاب والرد السريع في شوارع المدينة من خلال حواجز ثابتة رُفِعت في ما بعد، وسط غياب تام للمتظاهرين، وحركة سيارات خفيفة.

وعلى المقلب السياسي، وجد العبادي، الذي كان يعول على تحالفه السياسي مع ائتلاف "سائرون" الذي يتزعمه رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر لتشكيل الكتلة الأكبر، وبالتالي تسميته لولاية ثانية، نفسه في موقف صعب.

وقال المتحدث باسم تحالف "سائرون" النائب حسن العاقولي في مجلس النواب "نطالب رئيس الوزراء والكابينة الوزارية بتقديم استقالتهم والاعتذار للشعب العراقي".

ولم يقتصر الأمر على الصدر فقط، بل خسر العبادي أيضا ثاني أكبر الفائزين في الانتخابات، تحالف "الفتح" الذي يتزعمه هادي العامري المقرب من إيران.

وأعلن المتحدث باسم "الفتح" النائب أحمد الأسدي أن "التقصير والفشل الواضح في أزمة البصرة كان بإجماع النواب (...) ونطالب باستقالة رئيس الوزراء والوزراء فورا".

-"على خط واحد"-

وأضاف الأسدي "سنعمل سريعا خلال الساعات المقبلة لتشكيل الحكومة. نحن وسائرون على خط واحد لتشكيل الحكومة الجديدة ولبناء العراق، وواهم من يعتقد أننا مفترقون".

جاء هذان الإعلانان بعيد جلسة برلمانية استثنائية بحضور وزراء من الحكومة ورئيسها لبحث الوضع القائم في محافظة البصرة، بعد أسبوع احتجاجات دموية أسفرت عن مقتل 12 متظاهرا، وإحراق القنصلية الإيرانية ومبان حكومية عدة.

ومنذ بداية تموز/يوليو الماضي، خرج الآلاف في البصرة بداية، ثم في كامل الجنوب العراقي، في تظاهرات ضد الفساد وانعدام الخدمات العامة والبطالة التي زاد من سوئها العام الحالي الجفاف الذي قلص الإنتاج الزراعي بشكل كبير.

لكن الأمور اتخذت منحى تصعيديا اعتبارا من الثلاثاء على خلفية أزمة صحية غير مسبوقة في البصرة، حيث نقل 30 ألف شخص إلى المستشفى تسمموا بالمياه الملوثة، كما قتل 12 متظاهرا على الأقل، بحسب ما أفاد مسؤولون.

وأمام نحو 172 نائبا حاضرا من أصل 329، قال رئيس الوزراء المنتهية ولايته حيدر العبادي إن "البصرة عامرة وتبقى عامرة بأهلها (...) والخراب فيها هو خراب سياسي".

وأضاف "مطالب أهل البصرة هي توفير الخدمات، يجب أن نعزل الجانب السياسي عن الجانب الخدمي، هناك تظاهرات. هم أنفسهم أدانوا أعمال التخريب والحرق".

-"وعود مضحكة ومكررة"-

الجلسة البرلمانية لم تكن على مستوى طموحات المتظاهرين، الذين كانوا يتوقعون حلولا آنية، بل على العكس، كانت نقاشا عقيما بين الحاضرين، تبادل فيها العبادي ومحافظ البصرة أسعد العيداني الاتهامات بالمسؤولية.

وقال منسق تجمع شباب البصرة منتظر الكركوشي، الذي يشارك في التظاهرات منذ انطلاقها قبل شهرين، لوكالة فرانس برس إن "مثل هذه البيانات والجلسات لا يمكن أن تهدئ الشارع البصري".

وهذه المرة، ومع انحصار الحركة الاحتجاجية في محافظة البصرة وحدها، وصل الغضب الاجتماعي إلى ذروة العنف، إذ أقدم متظاهرون على إحراق كل ما يعتبرونه رمزا للسلطة، التي يرونها فاسدة وفوق القانون.

بدأ هؤلاء بإحراق مبنى المحافظة في وسط المدينة، قبل أن ينتقل الغضب إلى الأحزاب السياسية والجماعات المسلحة المسيطرة في هذا المعقل الشيعي الحدودي مع إيران.

ومساء الجمعة، اقتحم مئات المتظاهرين مبنى القنصلية الإيرانية المحصنة في المدينة، وأضرموا النار فيها.

في هذا الصدد، أصدر العبادي أوامر بـ"تخويل القوات الأمنية التعامل بحزم مع أعمال الشغب التي رافقت التظاهرات"، بعدما حملت طهران الحكومة العراقية "مسؤولية حماية الأماكن الدبلوماسية".

في المقابل، أمر العبادي "بإحالة الوحدات الأمنية المسؤولة عن حماية المؤسسات العراقية والقنصلية الإيرانية في البصرة إلى التحقيق لعدم قيامهم بواجباتهم في توفير الحماية اللازمة".

-عقوبات-

وقبيل الجلسة، سقطت أربع قذائف السبت في باحة مطار البصرة الدولي شمال المدينة، بحسب ما قالت مصادر أمنية لوكالة فرانس برس، فيما أكد موظفون أن حركة الطيران في المطار لم تتأثر.

ويسعى بعض النواب إلى طرح الحلول الأكثر جذرية.

وقالت النائبة انتصار حسن من تحالف الفتح في البصرة لوكالة فرانس برس "في حال بقيت الأوضاع على ما هي عليه، تتوجه الأمور إلى حكومة طوارئ". وتمنح حالة الطوارئ دستوريا، صلاحيات كاملة لرئيس الوزراء.

وفي الإجمال، قُتل 27 شخصا منذ مطلع تموز/يوليو في جميع أنحاء البلاد.

ويتهم المدافعون عن حقوق الإنسان الشرطة بإطلاق النار على المتظاهرين، في حين تشير السلطات إلى "مخربين" تسلّلوا بين المحتجين مؤكدة أنها أمرت الجنود بعدم إطلاق النار.

في هذا الصدد، أكد وزير الدفاع عرفان الحيالي في الجلسة البرلمانية السبت أن "القوات المسلحة غير مخوّلة بإطلاق النار على أي مواطن، كون الجيش ابن الشعب ويدافع عنه".

من جهته لفت وزير الداخلية قاسم الأعرجي في الجلسة نفسها إلى أنه سيتم "إصدار العقوبات لكل من اعتدى على المتظاهرين".

التعليقات 1
Missing un520 12:17 ,2018 أيلول 09

So theyre headed towards a Hezbollah-dominated government in Iraq as well. One look at Moqtada Sadr says it all really. The Iranian grand-plan seems to be working well...