الدستور الجديد في مصر يخيب آمال دعاة التغيير

Read this story in English W460

يخيب مشروع الدستور المصري الجديد امال دعاة التغيير والحقوقيين الذين يعتقدون انه يترك امتيازات الجيش على حالها.

وسيكون الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد نهاية العام الجاري او مطلع السنة المقبلة الخطوة الاولى في خارطة الطريق التي وضعها الجيش عقب عزل الرئيس الاسلامي محمد مرسي في تموز الماضي.

وبدأت الاحتجاجات على مرسي نهاية العام 2012 عندما اصدر اعلانا دستوريا سعى من خلاله، بحسب معارضيه، الى احتكار السلطة. وبعد سبعة اشهر من صدور هذا الاعلان عزله الجيش وعطل على الفور الدستور الذي صدر في عهده والذي وضعته لجنة هيمن عليها الاسلاميون وكان يفتح الباب، بحسب المعارضة انذاك، لاسلمة التشريع.

وبعد عزل مرسي، قامت الحكومة التي شكلها الجيش بتعيين 50 شخصا، معظمهم من الليبراليين، لمراجعة الدستور.

وتضم اللجنة عضوين اسلاميين لكن لم يمثل فيها الاخوان المسلمون الذي تعرضوا بعد عزل مرسي لحملة امنية واسعة.

وتوجد خلافات حول مشروع الدستور داخل لجنة الخمسين نفسها. وتعد البنود المتعلقة بالجيش من ابرز نقاط الخلاف في وقت تشهد فيه البلاد انقساما بين انصار الجيش ومعارضيه سواء من الاسلاميين او من الحركات الشبابية العلمانية.

وقرر عشرة من اعضاء لجنة الخمسين مساء الثلاثاء تجميد عضويتهم فيها احتجاجا على توقيف متظاهرين كانوا يحتجون امام مقر انعقاد اللجنة على مادة في مشروع الدستور تبيح محاكمة المدنيين امام القضاء العسكري في بعض الحالات، الا ان معظم هؤلاء عادوا الى المشاركة في اعمال اللجنة صباح الاربعاء، بحسب وسائل الاعلام المصرية.

ونصت المادة المثيرة للجدل على ان "القضاء العسكري جهة قضائية مستقلة، يختص دون غيره بالفصل في كافة الجرائم المتعلقة بالقوات المسلحة وضباطها وأفرادها ومن في حكمهم، والجرائم المرتكبه من أفراد المخابرات العامة أثناء وبسبب الخدمة ولا يجوز محاكمة مدني أمام القضاء العسكري إلا في الجرائم التي تمثل اعتداء مباشرًا على منشآت القوات المسلحة أو معسكراتها أو ما في حكمها، أو المناطق العسكرية أو الحدودية أو الجرائم التي تمثل اعتداء مباشرا على ضباطها أو أفرادها بسبب تأديه أعمالهم الوظيفية".

وكان انهاء محاكمة المدنيين امام المحاكم العسكرية مطلبا رئيسيا رفعه الناشطون الشباب في اعقاب اسقاط نظام حسني مبارك في العام 2011.

وتشير مسؤولة منظمة هيومن رايتس ووتش في القاهرة هبة مريف الى ان هذا النص "يضيف اعضاء المخابرات العامة الى قائمة العسكريين الذين لا يمكن محاكمتهم الا امام القضاء العسكري" وهو ما ترى فيه "توسيعا لحصانة" اجهزة الامن في حين كان الاحتجاج على ممارسات رجال الشرطة احد الدوافع الهامة لثورة كانون الثاني 2011 وهو ما انعكس في شعارها الرئيسي انذاك "عيش (خبز) ، حرية، كرامة انسانية".

وتعتقد مريف انه "اذا كان الاطار العام (لمشروع الدستور) افضل في مجال حماية حقوق الانسان" لانه ينص على التزام مصر بالمواثيق الدولية بهذا الشان، "الا انه ليس هناك تغييرا جذريا بسبب البنود التي تبقي على امتيازات الجيش".

يضع مشروع الدستور الجديد كذلك موازنة القوات المسلحة بعيدة عن اعين المدنيين وينص على ادراجها كبند واحد (رقم كلي من دون تفاصيل) في الموازنة العامة للدولة وان كان تضمن بندا اخر يسمح بمناقشتها في اطار "مجلس الدفاع الوطني" الذي سيضم اضافة الى قادة الجيش رئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب ووزراء الخارجية والمالية والداخلية.

اما الموضوع الاخر المثير لكثير من الجدل فهو موضوع تفسير الشريعة الاسلامية رغم وجود اجماع على ابقاء المادة الثانية التي تنص على ان "مبادئ الشريعة الاسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع".

ولا يتضمن مشروع الدستور الجديد المادة 219 التي كانت تسمح باعتماد اكثر التفسيرات تشددا للشريعة الاسلامية ولكن حزب النور السلفي حاول اعادة هذه المادة من باب خلفي بادراح مضمونها في ديباحة المشروع الجديد ما دفع ممثلي الكنائس المصرية الى التهديد اكثر من مرة بالانسحاب.

وقال يورغ فيدك مان استاذ القانون الدستوري في جامعة تولان بنيو اورليانز، الذي قام بدراسة مقارنة لدستوري 1971 و2012 وللنص الذي تعمل عليه حاليا لجنة الخمسين ان " روح الثورة التي اطاحت حسني مبارك لم تنتقل الى هذا النص".

التعليقات 0