الأردن يقرر تطبيق حظر النرجيلة

ينتشر تدخين النرجيلة أو الشيشة في مقاهي الأردن كعادة موروثة كما في كثير من بلدان المنطقة، شأنها في ذلك شأن شرب القهوة او الشاي، غير أن السلطات قررت أخيرا حظرها نهائيا، في قرار اثار استياء اصحاب المقاهي وروادها.
وأعلنت السلطات المحلية في عمّان عدم تجديد رخص المقاهي الشعبية والمطاعم السياحية التي تقدم النرجيلة او الشيشة لزبائنها، مما سيؤثر على نحو 700 مؤسسة في العاصمة.
ويأتي القرار تنفيذا لقانون الصحة العامة لعام 2008 الذي يحظر التدخين في الأماكن العامة، والساري منذ 25 مايو 2010 لكن لم يتم تطبيقه بصورة كلية بعد في بلد ينفق نحو مليار دولار سنويا كنفقات مباشرة وغير مباشرة على التدخين. ولم يلق هذا الاجراء الجديد استحسان اصحاب المقاهي ومدخني النرجيلة الذين يريدون الحفاظ على مورد الرزق هذا والتقليد الموروث.
ويقول عمران الطرشة، احد مسؤولي مقهى ومطعم “جفرا” الشهير وسط عمّان والذي يرتاده ما بين 1500 الى الفي شخص يوميا نصفهم تقريبا من مدخني النرجيلة، لوكالة فرانس برس إن “القرار سيقطع ارزاق المئات من العائلات التي تعتاش على هذه المهنة منذ زمن بعيد”. ويضيف “لا يمكن تطبيق قرار بهذا الشكل، أين سيذهب مرتادو هذه الأماكن التي تعتبر بالنسبة لهم فسحة يقضون فيها اوقاتهم مع اصدقائهم”. ويرى عمران انه “كان اجدى بمن اتخذ القرار وضع محددات مثل منع صغار السن او فرض غرامات مالية بدلا من المنع التام”.
وعلى شرفة المقهى الذي يعج بعشرات صور المطربين والمثقفين والكتاب والشعراء العرب، يدخن شبان وشابات النراجيل ويحتسون القهوة او الشاي، فيما يتجاذبون اطراف الحديث على وقع اصوات العود في مكان يعبق برائحة التفاح والمشمش والقرفة والبطيخ والنعناع.
ويقول وسيم اليوسف (36 عاما) الذي يعمل في شركة خاصة والذي كان يدخن النرجيلة برفقة احد اصدقائه لوكالة فرانس برس “منطقيا القرار صحيح 100% لكن عمليا هو غير واقعي اطلاقا”. ويضيف “إذا منعت النرجيلة من المقاهي فما هو البديل؟ أين سنذهب كل هؤلاء الناس من اجل التدخين؟ انها وسيلة الترفيه الوحيدة واليوم يريدون حرماننا منها، انهم يتحدثون عن صحتنا ونحن نقول لهم هذه حرية شخصية اتركونا وشأننا”.
ويشمل قرار حظر التدخين المستشفيات والمراكز الصحية والمدارس ودور السينما والمسارح والمكتبات العامة والمتاحف والمباني الحكومية وغير الحكومية العاملة ووسائط نقل الركاب والمطارات والملاعب المغلقة وقاعات المحاضرات. ويتم تجاهل هذا الحظر على نطاق واسع، فيما لا تزال علب السجائر متوافرة في الكثير من الأكشاك المنتشرة في الشوارع.
ويفرض القانون عقوبات بحق المدخنين في الاماكن العامة تصل للحبس لمدة لا تقل عن اسبوع ولا تزيد على شهر او بغرامة لا تقل عن 15 دينارا (21 دولاراً) ولا تزيد عن 25 دينارا (35 دولاراً). كما يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تزيد على ستة أشهر أو بغرامة لا تقل عن 500 دينار ولا تزيد على الف، كل من قام بتدخين أي من منتجات التبغ في دور الحضانة ورياض الأطفال في القطاعين العام والخاص، أو السماح بذلك.
ويحذر المسؤولون من تزايد مخاطر التدخين في بلد قاربت نسبة المدخنين فيه نصف عدد السكان البالغ نحو سبعة ملايين نسمة، وفقا للاحصاءات الرسمية.
وبحسب آخر الاحصائيات فان 21 % من الشباب ممن تتراوح اعمارهم بين 13 و 15 سنة يدخنون الارجيلة، فيما يدخن 49 % من طلاب الجامعات السجائر العادية
ويقول مدير مكتب مكافحة السرطان في مركز الحسين للسرطان فراس الهواري ان “الاردن يسجل سنويا خمسة الاف حالة جديدة من السرطان تشكل السرطانات المرتبطة بالتدخين 40 بالمائة”، مضيفا ان “15 بالمائة من الوفيات بالاردن سببها هو السرطان”. ويؤكد ان “مكافحة التدخين وضبط اسباب انتشاره اصبح قرارا استراتيجيا لابد من تفعيله الان وليس غدا”.
وجاء في دراسة اعدتها منظمة الصحة العالمية في العام 2010 أن أغلبية مدخني النرجيلية هم بين الخامسة عشرة والرابعة والعشرين من العمر. ووعد وزير الصحة علي الحياصات في 22 يناير ان يكون الاردن خاليا من الارجيلة في الاماكن العامة مع نهاية العام الحالي، مؤكدا ان الوزارة لن تتراجع عن تطبيق قانون الصحة العامة والذي ينبثق عنه قانون منع التدخين. غير أن وزير السياحة نضال القطامين طالب بالتدرج بتطبيق قرار منع النرجيلة مع مراعاة مصالح المستثمرين. ويقدر اصحاب المقاهي والمطاعم السياحية الاستثمارات في هذا القطاع بنحو مليار دينار (1.5 مليار دولار) مع توفير نحو 12 الف فرصة عمل. وتقول فاتن حنانيا رئيسة جمعية “لا للتدخين” التي تكافح من اجل تطبيق القوانين والتشريعات المتعلقة بمكافحة التبغ لوكالة فرانس برس ان “نسبة المدخنين في الاردن فوق سن الثامنة عشرة عاما بلغت 50 بالمائة من السكان فيما بلغت نسبة المدخنين من من هم دون الثامنة عشرة عاما نحو 25 بالمائة وهذه نسب عالية”. وتضيف “هذه خطوة اولى نحو تطبيق قانون الصحة العامة ككل والذي يمنع التدخين بشكل عام في جميع الاماكن العامة المغلقة”. وتأمل فاتن “ان يصبح الاردن خاليا من التدخين” مقرة في الوقت نفسه ان “الامر يتطلب وقتا ولن يتم بين ليلة وضحاها”.
مصدر الصورة: "المحرر"