حصيلة متباينة لرئاسة كرزاي في افغانستان ما بين التنمية والفساد

Read this story in English W460

بين التنمية والاستقرار النسبي في المدن الكبرى وانعدام الاستقرار في باقي المناطق والفساد المستشري في البلاد، تتباين التقييمات لحصيلة الرئيس حميد كرزاي الذي سلم مهامه هذا الاسبوع الى خلفه اشرف غني بعدما حكم افغانستان 13 عاما.

حين تسلم كرزاي رئاسة افغانستان في نهاية عام 2001 كان هذا البلد خارجا من نظام حركة طالبان الذي اشاع فيه اجواء من الرعب على مدى خمس سنوات قبل ان يطيحه ائتلاف غربي بقيادة الولايات المتحدة.

تسلم كرزاي بلدا يعمه الدمار والخراب بعد اكثر من عشرين عاما من الحروب، غير ان الامل في بناء بلد جديد كان الاقوى.

كان الغربيون يبحثون يائسين عن زعيم تقدمي فرأوا ان حميد كرزاي المتحدر من قبائل الباشتون التي حكمت افغانستان طوال كامل تاريخها تقريبا، الوحيد القادر على حكم هذا البلد بدعمهم.

تم تنصيب حميد كرزاي حكما ثم اعيد انتخابه مرة اولى عام 2004 ومرة ثانية عام 2009 في ظل دستور يحظر عليه الترشح لولاية ثالثة على راس الدولة.

ومع رحيله تثير حصيلة حكمه اراء متباينة في شوارع كابول.

في حي غولدن سيتي، احد الاحياء التي ولدت من العدم في عهد كرزاي، يقول طارق هاشمي الخياط البالغ من العمر 35 عاما ان الرئيس السابق تمكن من الحفاظ على السلم بين مختلف اتنيات البلد التي خاضت مواجهات دامية خلال العقد المنصرم.

ويقول هاشمي في محله الواقع عند اسفل مبنى من عشر طبقات ان "سياسته كانت جيدة لانه ساند جميع الاتنيات وليس الباشتون فحسب".

وعلى مقربة يؤكد شفيع الله كروان المقاول الشاب البالغ من العمر 28 عاما وهو يراقب العمال في ورشة البناء التي يشرف عليها ان شركته كانت خلال السنوات الاخيرة "منهمكة في الكثير من عقود" العمار.

ويقول انه "في عهد كرزاي كان من السهل العثور على عمل وبالتالي جني المال".

واكد طارق هاشمي ان "السنوات السبع او الثماني الاولى من رئاسة كرزاي كانت جيدة على صعيد الاعمال" مضيفا ان "الامر كان اكثر صعوبة في اواخرها".

وشهدت هذه السنوات الاخيرة بداية الانسحاب التدريجي للقوات الغربية وتقدم مقاتلي طالبان ميدانيا وتدهورا شديدا في العلاقات بين كرزاي وواشنطن، الداعم الاول للبلاد عسكريا وماليا.

وذكر كرزاي (56 عاما) خلال حفل عشاء في ختام ولايته الاحد بان افغانستان "لم يكن لديها علم ولا عملة ولا بنى تحتية" حين سلمه مؤتمر بون الدولي زمام البلاد في نهاية 2001.

وفي عهده تطورت المدن الافغانية الرئيسية وسجلت نسبة الالتحاق بالمدارس تقدما كبيرا وتحسن الوصول الى الرعاية الصحية. لكن في المقابل انتشر الفساد وانعدام الامن الذي كان محدودا في عهد طالبان وسجل انتاج المخدرات من افيون وهيرويين زيادة كبيرة جدا.

وياخذ ضياء دشت (43 عاما) المسؤول في منظمة شبابية على حميد كرزاي انه يترك بلدا يعاني من الفساد وانعدام الاستقرار. وقال لفرانس برس "يمكن اختصار رئاسته بسوء الادارة".

وبعد سنوات من التوافق الكامل مع الولايات المتحدة جعلت حركة طالبان تتهمه بانه "دمية" بايدي واشنطن، تراجعت العلاقات بين كرزاي وراعيه الاميركي اعتبارا من العام 2009، وتفاقمت الامور وصولا الى رفض الرئيس الافغاني التوقيع على اتفاقية امنية تجيز ابقاء قوة اميركية في البلاد بعد العام 2014، وهي اتفاقية وقعها خلفه فور تعيينه هذا الاسبوع.

ومع رحيله عن السلطة، نصح كرزاي "الحكومة المقبلة بالتيقظ حيال الولايات المتحدة والغرب عموما"، وهو الذي كان يتهم الغربيين بانهم يشنون حربهم بدون التشاور معه ويوقعون الكثير من الضحايا المدنيين. وقال "يمكننا ان نكون اصدقاء معهم لكن ذلك يجب ان يقوم على المنفعة المتبادلة".

وتقول بيتي دام التي اصدرت مؤخرا سيرة لكرزاي، ان الرئيس الافغاني السابق كان ضحية اخطاء السياسة الاميركية في البلد.

واكدت بيتي دام لفرانس برس ان "الاميركيين لم ينجحوا في فهم افغانستان. اختاروا السهولة بتعاملهم عن اسياد الحرب الذين حصدوا كل العقود" في حين لم تكن هذه مشيئة كرزاي في بادئ الامر.

وتابعت ان هذه الاستراتيجية الاميركية غذت "المحسوبية" التي "فتحت الطريق للفساد" وهو ما اخذته واشنطن في نهاية المطاف على كرزاي.

وقال داود مراديان مدير المعهد الافغاني للدراسات الاستراتيجية ان حميد كرزاي نجح بالتاكيد في "توحيد الطبقة السياسية" الافغانية لكنه يترك لخلفه "دولة ومؤسسات تعاني من اختلال في عملها".

التعليقات 0