الكاثوليك البورميون يخرجون من الظل بعد عقود من القمع

Read this story in English W460

بعد تعرضهم للاضطهاد طيلة عقود في ظل النظام العسكري الدكتاتوري، احتفل المسيحيون الكاثوليك في بورما بنهاية المطاف في 2014 مع اربع سنوات من التأخير بمرور خمسة قرون على وجودهم في البلاد لكن التصعيد الجديد للتوترات الدينية يثير قلق هذه الاقلية.

وتمكن الكاثوليك المقدر عددهم بخمسمئة الف شخص اي 4% من التعداد السكاني البالغ 51 مليون نسمة في هذه الدولة المارقة سابقا، من الاحتفال هذه السنة باول تطويب لواحد منهم، لشهيد اغتيل على الحدود الشرقية للبلاد.

وقال الاب سيلسو كاهن رعية لويكاو عاصمة ولاية كاياه المنطقة التي قتل فيها ايزيدور نغيي كو لاتيت مع الكاهن الايطالي ماريو فرغارا، "اننا متحمسون لتطويب اول قديس رسميا من بورما".

وفي بورما كان مقتل ذلك الشاب الذي كان يدرس التعاليم الدينية قبل اكثر من ستين سنة، في طي النسيان بعد عشرات السنوات من القمع الذي مارسه الفريق العسكري الحاكم الذي فرض قيودا مشددة على الاقليات الدينية في بلد معظم سكانه من البوذيين.

وعند اختفائهما كان المرسلان يسافران الى منطقة نائية مضطربة بفعل مواجهات بين اقلية بروتستانتية معمدانية والحكومة.

ووقعا بين ايدي المتمردين الذين اعتبروهما متحالفين مع الحكومة القائمة، واقتادهما المتمردون الى الادغال قبل ان يقتلوهما. ثم وضعوا جثتيهما في كيسين والقوا بهما في النهر. ولم يعثر مطلقا على جثتيهما.

واضاف الاب سيلسو في باحة كاتدرائية لويكاو تحت شمس دافئة "في تلك الحقبة من النزاع كان يستحيل اخذ الامور بهدوء وبناء التفاهم".

وقد شهدت بورما منذ استقلالها في 1948 نزاعات اقليمية عدة تزعزع استقرارها. وطالت المواجهات خصوصا المناطق الحدودية حيث تندد الاقليات الاتنية بالتمييز والاضطهاد الديني وتجاوزات الجيش الذي ابقى البلاد تحت قبضة من حديد حتى العام 2011.

ومارست الانظمة العسكرية المتلاحقة "عمليات تمييز بصفة خاصة ضد الاقليات الدينية غير البوذية -من مسلمين ومسيحيين" كما روى بينيديكت روجرز من منظمة التضامن المسيحي الدولية.

ويمثل كل من الكاثوليك والمسلمين 4% من التعداد السكان فيما يشكل البوذيون 90%.

ومنذ حل النظام العسكري في 2011، قادت الحكومة شبه المدنية البلاد الى دوامة اصلاحات سمحت بانفتاح البلاد بعد نصف قرن من الحكم الدكتاتوري والافراج عن العديد من السجناء السياسيين.

وهذه التغييرات دفعت الكنيسة الى التنديد بالنزاعات وخاصة النزاع بين الجيش ومتمردين في ولاية كاشين حيث تعيش اقلية كبيرة من المسيحيين. وهذه الحرب تسببت بنزوح نحو مئة الف شخص.

كما ندد مسؤولون كاثوليك كبار بالتعصب الديني وموجة العنف الشعبي حيال اقليات مسلمة خلفت حوالى مئتي قتيل في السنتين الاخيرتين.

واعتبر رئيس اساقفة رانغون تشارلز بو في مقالة نشرتها صحيفة واشنطن بوست في حزيران "لكي تتمتع بورما فعلا بالحرية والسلم والازدهار يجب حماية حقوق جميع الاتنيات وجميع الطوائف الدينية".

واضاف "ان ثمة حراكا تنامى حجما ونفوذا يهدد هذا الهدف: القومية البوذية المتطرفة".

وبالرغم من هذا التهديد الجديد فان الطائفة الصغيرة مصممة على الخروج من الظل وفي تشرين الثاني توجه الاف الاشخاص الى كاتدرائية رانغون للاحتفال خلال ثلاثة ايام بمرور خمسة قرون على وجودهم على الارض البورمية.

وبالنسبة لعدد كبير منهم الذين ارتدوا الملابس التقليدية للاقليات الاتنية، يعتبر هذا التنقل سابقة.

وقال باوك را (25 عاما) الذي احاط كتفيه بمشلح فضي لامع يشكل جزءا من اللباس التقليدي الذي يرتديه اهل كاشين، بفرح "اني سعيد جدا للقاء اناس ينتمون الى الديانة نفسها".

واضاف "انه حدث فريد منذ خمسمئة سنة". ففي القرن السادس عشر حمل التجار البرتغاليون الديانة المسيحية الكاثوليكية الى البلاد في وقت كان يسعون فيه الى توسيع ازدهارهم من مستوطنتهم الهندية في غوا.

وواجه اوائل المرسلين ريبة السكان المحليين. لكن بعد مرور خمسة قرون باتت الكنيسة الكاثوليكية جزءا من المشهد البورمي بالرغم من عدد اتباعها الضئيل. وخير دليل على ذلك اللقاء في الفاتيكان في 2013 بين البابا فرنسيس والحائزة على جائزة نوبل للسلام زعيمة المطالبين بالديموقراطية اونغ سان سوتشي.

وذلك اللقاء سمح برأي روجرز بتعزيز ثقة الكاثوليك في بورما.

التعليقات 0