مزيد من الناجين يخرجون من الجيب الأخير لـ"داعش" في شرق سوريا
Read this story in English
يخرج آخر المحاصرين من جيب تنظيم الدولة الإسلامية الأخير في شرق سوريا جائعين ومنهكين بينهم عدد كبير من الجرحى على العكازات أو مضمدين في أجزاء مختلفة من أجسادهم، في وقت تستعد قوات سوريا الديموقراطية المدعومة من واشنطن لاستئناف هجومها الأخير للقضاء على من تبقى من الجهاديين.
وتتوقع قوات سوريا الديموقراطية خروج مزيد من الأشخاص الخميس في إطار عمليات إجلاء مستمرة منذ ثلاثة أيام، دفعت الى إبطاء وتيرة المعارك في الباغوز منذ ليل الأحد إفساحاً في المجال لخروج المدنيين، إذ تتهم قوات سوريا الديموقراطية التنظيم المتطرف باستخدامهم كدروع بشرية.
عند نقطة الفرز التي استحدثتها قوات سوريا الديموقراطية على بعد عشرين كيلومتراً شمال الباغوز، شاهد صحافي في وكالة فرانس برس الخميس عددا من الخارجين من الباغوز يخضعون لعمليات تفتيش واستجواب.
وتوقع المتحدث باسم حملة قوات سوريا الديموقراطية في دير الزور عدنان عفرين وصول المزيد من الأشخاص إلى نقطة الفرز، مشيرا الى أن "أكثر من سبعة آلاف شخص غادروا (الباغوز) منذ الأحد".
وأطلقت هذه الفصائل الكردية والعربية المدعومة من التحالف الدولي بقيادة واشنطن، الجمعة هجومها الأخير ضد تنظيم الدولة الإسلامية. وكانت علّقت عملياتها على مدى أسبوعين قبل ذلك، تمّ خلالهما إجلاء آلاف النساء والأطفال معظمهم من عائلات التنظيم وبينهم عدد كبير من الأجانب، فضلاً عن رجال يُشتبه بأنهم ينتمون الى التنظيم.
وتخطت أعداد الخارجين كل توقعات قوات سوريا الديموقراطية. ويروي الخارجون أن الظروف في الباغوز صعبة جدا.
وقال رجل قدّم نفسه باسم أبو مريم (28 عاما) لفرانس برس بعد خروجه الثلاثاء "كنا نحفر خنادق في الأرض ونضع فوقها أغطية... هذه هي الخيم حالياً"، مشيرا الى أنها تكتظ بعائلات تعيش "قرب بعضها البعض بسبب الزحمة".
- تراجع نحو النهر -
ميدانياً، تقدمت قوات سوريا الديموقراطية في الأيام الأخيرة داخل جيب التنظيم رغم تراجع وتيرة المعارك.
وقال مصدر ميداني في قوات سوريا الديموقراطية الخميس لفرانس برس "قواتنا ثبّتت نقاطها في أجزاء من المخيم تقدمت إليها قبل أيام".
وأوضح أن "قواته لا تتقدم فعلياً في الوقت الحالي"، مؤكداً أن "العائلات المتبقية تراجعت إلى الجزء الخلفي من المخيم عند أطراف نهر الفرات".
وشاهد صحافي في وكالة فرانس برس الخميس أثناء تقدمه نحو جبهة القتال الأمامية، مدفعية تقصف على مشارف الباغوز وأعمدة دخان تتصاعد من البقعة المستهدفة.
ويتحصّن مقاتلو التنظيم في الباغوز في شبكة أنفاق حفروها تحت الأرض، ويتنقلون عبرها لشن هجمات. ويتصدون للهجوم عبر استخدام القناصة وانتحاريين وسيارات ودراجات مفخخة، وفق ما قال قياديون ميدانيون لفرانس برس.
ومُني التنظيم بخسائر ميدانية كبيرة خلال العامين الأخيرين بعد سنوات أثار فيها الرعب بقوانينه المتشددة واعتداءاته الوحشية، وأصدر مناهج دراسية وعملة خاصة وجنى الضرائب من المواطنين.
ومن شأن سيطرة قوات سوريا الديموقراطية على كامل البلدة الواقعة على الضفة الشرقية لنهر الفرات، أن تمهد لانتهاء "الخلافة" التي أعلنها التنظيم في العام 2014 على مساحات واسعة كان قد سيطر عليها في سوريا والعراق المجاور تقدر مساحتها بمساحة بريطانيا.
ولا يعني حسم المعركة في دير الزور انتهاء خطر التنظيم، في ظل قدرته على تحريك خلايا نائمة وانتشاره في البادية السورية المترامية الأطراف.
- عكازات وأكياس دمّ -
وتخوض قوات سوريا الديموقراطية بدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن منذ أيلول/سبتمبر هجوماً ضد آخر جيب للتنظيم في شرق سوريا حيث باتت تحاصره في بقعة داخل بلدة الباغوز.
وعلى وقع التقدم العسكري لقوات سوريا الديموقراطية، خرج نحو 58 ألف شخص منذ كانون الأول/ديسمبر من مناطق التنظيم، بينهم أكثر من ستة آلاف مقاتل تم توقيفهم بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
ووسط سهل قاحل، يخضع الخارجون إلى عمليات تفتيش وتدقيق في هوياتهم، لتمييز من يشتبه بأنهم مقاتلون في التنظيم.
ويصل الأطفال جائعين وأجسادهم هزيلة ومتّسخة يتجمعون قرب أمهاتهم المنقبات اللواتي يهرعن إلى مساعدات توزعها قوات سوريا الديموقراطية من ماء وخبز فضلاً عن حليب وحفاضات للأطفال، حسب ما أفاد فريق فرانس برس في المكان.
أما الرجال فيقفون صامتين بانتظار استجوابهم وبينهم عدد كبير من الجرحى بعضهم على عكازات أو أسرة متنقلة أو كراس متحركة، فيما يلفّ آخرون ضمادات على رؤوسهم أو أقدامهم أو يعلقون في أجسادهم أكياساً تحتوي على دمّ.
ويتمّ نقل النساء والأطفال إلى مخيمات في شمال شرق سوريا أبرزها مخيم الهول، بينما يُرسل الرجال المشتبه بأنهم جهاديون إلى مراكز اعتقال لم تُعرف مواقعها للتوسع في التحقيق معهم.
وشاهد صحافي في وكالة فرانس برس صباح الخميس عشر شاحنات متجهة إلى المخيمات التي يوزع عليها الخارجون، ويبدو أن ركابها أمضوا الليلة في نقطة الفرز.
ويشهد مخيم الهول تحديداً أوضاعاً إنسانية بائسة. وتناشد الإدارة الذاتية الكردية التي تملك إمكانات محدودة، المجتمع الدولي التدخل لتقديم المساعدات للنازحين.