إعادة النظر في تعريف التوحد تثير قلق أطباء الأمراض النفسية والعصبية في أميركا
Read this story in English
بعد أن أطلقت الجمعية الأميركية للطب النفسي "أيه بي أيه" مشروعا يهدف إلى إعادة تحديد المعايير التي تعرف التوحد، يخشى أطباء الأمراض النفسية والعصبية والمؤسسات الخاصة أن تستثني المصطلحات الجديدة عددا كبيرا من الأطفال المصابين بأشكال مختلفة من التوحد.
وقد يؤدي هذا الاستثناء إلى حرمان هؤلاء الأطفال من خدمات المساعدة الاجتماعية والطبية والمدرسية بما أن ضمان المرض والبرامج الحكومية يستند إلى التعريف الذي تضعه الجمعية الأميركية للطب النفسي، للأمراض.
وفي الدليل التشخيصي الإحصائي الخامس للاضطرابات النفسية، توصي مجموعة العمل التابعة للجمعية بجمع كل أشكال التوحد في فئة واحدة بعنون "اضطراب طيف التوحد".
وبالتالي، فإن الأمراض الأخرى المشخصة حتى اليوم مثل متلازمة أسبرجر التي تؤثر في النمو وفي التفاعل الاجتماعي لدى الأطفال لن تعتبر من الآن فصاعدا أمراضا محددة بل أشكالا مختلفة من التوحد.
وتشرح الجمعية أن المعايير المقترحة لتعريف التوحد تحدد درجات الخطورة الخاصة بمرض هو في الأساس واحد.
ويؤكد الدكتور جايمس سكالي مدير الشؤون الطبية في الجمعية أن "المعايير المقترحة ستؤدي إلى تشخيص أكثر دقة وستساعد الأطباء على تقديم علاجات أفضل".
لكن الدكتور فريد فولكمار رئيس قسم الأمراض النفسية والعصبية لدى الأطفال في جامعة يال (كونيتيكت، شمال) يعتبر أن هذا المشروع قد يستثني 60% من الأولاد المصابين بمتلازمة أسبرجر.
ويشار إلى أن هذه المتلازمة لا تؤدي إلى صعوبات في النطق وتسهل بالتالي العلاج والتعلم، خلافا لمرض التوحد "الكلاسيكي".
وقد توصل الدكتور فولكمار إلى هذا الاستنتاج من خلال تطبيق المعايير السريرية الجديدة التي اقترحتها الجمعية على دراسة أجراها سنة 1993 تناولت أطفال متوحدين مصابين بمتلازمة أسبرجر وبأشكال أخرى مختلفة من التوحد.
ويشرح قائلا "لقد راجعنا البيانات القديمة وقرأنا التعريف الجديد للتوحد فجاءت النتائج مثيرة للقلق... فالتعريف الجديد يستثني 60% من الأولاد المصابين بالتوحد وعلى الجمعية أن تأخذ مخاوفنا بالاعتبار".
أما الدكتورة جيرالدين داوسن المسؤولة العلمية في مؤسسة "أوتيزم سبيكز" التي تعتبر المؤسسة الخاصة الكبرى في العالم المعنية بإجراء أبحاث حول التوحد، فتقول "من المبكر أن نحدد ما إذا كان النظام الجديد يستثني بعض المرضى. لكنها مسألة ينبغي حلها للتأكد من أن الأطفال والبالغين ينالون المساعدة التي يحتاجون إليها".
وتشير دواسن إلى أن جمعية علم النفس الأميركية قد أنهت مؤخرا دراسات شملت عددا محدودا من المرضى، موضحة أن مؤسستها "ستمول بحثا أكثر شمولية من شأنه أن يحدد بدقة كيفية تطبيق معايير التشخيص الجديدة" على أنواع التوحد الثانوية المختلفة.
وتقول إنه لا ينبغي إضاعة الوقت لأن لجنة الجمعية ستنتهي من وضع المعايير الجديدة بحلول كانون الأول وتعتزم نشرها في ربيع العام 2013.
ويشير الطبيب الفرنسي إريك فومبون رئيس قسم لأمراض العصبية والنفسية لدى الأطفال في جامعة ماك غيل في مونتريال (كندا) إلى أن هذه التعديلات كانت متوقعة منذ زمن لأن الدراسات التي أجريت في السنوات الخمس عشرة الأخيرة والتي شملت خصوصا عائلات تضم أولادا عدة مصابين بالتوحد بدرجات خطورة مختلفة، "تبين بوضوح أن متلازمة أسبرجر هي شكل مختلف من التوحد".
ويقول إن القرار الذي اتخذته لجنة الجمعية سنة 1994 والقاضي باعتبار أسبرجر مرضا منفصلا لديه تبرير واضح. ويشرح "في تلك الفترة، لم نكن نعرف تماما ما إذا كان مرضا آخر أو مجرد شكل مختلف من التوحد" ولذلك كان من الضروري تصنيف متلازمة أسبرجر على حدة للتمكن من دراستها بشكل منفضل.