لماذا ينبغي علينا أن نتحدث عن الهندسة الجيولوجية حتى لو لا نفعل ذلك أبدا

Read this story in English W460

درس بن كرافيتز الهندسة الجيولوجية على مدى سبع سنوات ولم يخطط لايقاف ذلك، على الرغم من الجدل الدائر حول هذه القضية. وحتى لو كانت الهندسة الجيولوجية لا تطبق في العالم الحقيقي، الا ان المفهوم وحده يلعب دورا مهما في تغير المناخ.

"ان الهندسة الجيولوجية النظرية تسمح لنا ان نتساءل حول اسلوب عمل النظام المناخي الاوتوماتيكي،" يقول كرافيتز، الباحث في المختبر الوطني في شمال غرب المحيط الهادئ. "انها تغير الطريقة التي نفكر فيها حول المشاكل الكامنة في علم المناخ."

بدأ اهتمام كرافيتز في الهندسة الجيولوجية مرة أخرى في العام 2007، عندما كان طالب دراسات عليا في جامعة روتجرز. وبعد ان حضر ندوة عن الهندسة الجيولوجية كان قد القاها ألان روبوك، علم على الفور أهمية هذا الموضوع، وطلب من روبوك أن يستقبله كطالب دكتوراه. من هنا، اسسا معاً نموذج مشروع الهندسة الجيولوجية المقارنة (جيوميب)، وهو عبارة عن تعاون دولي من شأنه أن يدير عمليات الهندسة الجيولوجية المتطابقة مع بعض النماذج المناخية الأكثر تقدما في العالم. اذاً، كرافيتز وروبوك انشآ جيوميب بعد أن ادركا أن نماذج مختلفة من تشغيل التجارب قد توصلت الى توقعات متضاربة - يوجد مشكلة إذا كانت تلك التوقعات تسعى الى اتخاذ قرارات صائبة في العالم الحقيقي.

وقد وجد كرافيتز أيضا أن تشويه كوكب افتراضي يمكن أن يكون مفيدا في نواح أخرى. على سبيل المثال، يمكن ان يخفف من "حدة الشمس" أو ان يزيد من ثاني اوكسيد الكربون أو القيام بالامرين على حد سواء في توليفات مختلفة. من خلال مراقبة كيف تلغي هذه التدخلات بعضها البعض، لقد تمكن من تعلم الكثير عن الآليات الكامنة وراء القيادة في النظام المناخي. لذلك فهو ليس قلقا بشأن وظيفته الامنية. كذلك، دخل كرافيتز المدرسة الصيفية لمدة أسبوع في وقت لاحق من هذا العام، وهي مهنية مخصصة للعلماء المهتمين بدخول هذا المجال.

ولكن الكثير من الناس لا يحبون حتى مفهوم الهندسة الجيولوجية، فضلاً عن امكانية تطبيقها. انهم يقلقون من ان يسيئ اخرون تفسير ذلك بأنه خطة معقولة للتراجع وان يستاءوا حين يتعلق الأمر بالحد من الانبعاثات. ولكن فعلاً، ان الهندسة الجيولوجية ليست خطة معقولة للتراجع - انها محفوفة بالمخاطر للغاية وتثير الكثير من القضايا الاجتماعية والسياسية والأخلاقية الصعبة . فماذا إذا كان لديها الكثير من الآثار الجانبية الخطيرة وغير متوقعة على البيئة أو المجتمعات معينة؟ ماذا لو اتخذت الدول القوية قرارات تؤثر سلباً على الدول الفقيرة؟ ماذا لو نعتمد على الهندسة الجيولوجية إلى أجل غير مسمى؟

في الشهر الماضي، أصدرت الأكاديمية الوطنية للعلوم (ناس) تقاريراً تدعو إلى مزيد من الأبحاث في الهندسة الجيولوجية. وفي السياق، اوضح رئيس "ناس"، رالف سيسيرون، أن هذا الوضع كان فقط استثنائياً وأن العلماء الذين كتبوا التقارير لم يدافعوا عن الهندسة الجيولوجية: "إذا كان العالم لا يمكن أن يبطئ الانبعاثات، أو إذا كان تغير المناخ هو الأكثر تطرفا أو يحدث في وقت أقرب مما هو متوقع، قد يكون هناك مطالب لمتابعة تقنيات إضافية يحتاج اليها العلماء من اجل فهم أفضل".

وعلى الرغم من هذه النغمة التحذيرية، لا يزال هناك الكثير من العوائق ضد هذه التقارير. نذكر احد عناوين صحيفة زا غارديان: "هل الهندسة الجيولوجية فكرة سيئة؟هل الحلول التقنية يمكن ان توفر حلا قابلا للتطبيق لتغير المناخ أم أنها تحتوي على مخاطر عالية، اي الهاء غير مسؤول عن الحاجة لخفض انبعاثات الكربون؟ "

يقول كرافيتز انه لا يعرف عالماً واحداً يعمل على الهندسة الجيولوجية ويعتقد انها بديل مناسب للحد من الانبعاثات، وانه لا يشتري حجة أن فكرة الهندسة الجيولوجية هي الهاء خطير.

"تجربتي هي أنني بالحديث عن الهندسة الجيولوجية، سأحصل على المزيد من الناس المهتمين في الحديث عن تغير المناخ، الذي أعتقد أنه قضية أكبر بكثير."

وقد يكون كرافيتز بهذا الكلام يقصد شيئاً ما.

لقد درست مدرسة يال الثقافية والقانونية كيف تؤثر القيم الثقافية للناس على الطريقة لمعالجة المعلومات وتقييم المخاطر. وفي دراسة نشرت في الشهر الماضي، نظر الباحثون في مشروع حول كيفية تأثير مناقشة الهندسة الجيولوجية على تصور الناس لخطر تغير المناخ. ووجد الباحثون أن فكرة الهندسة الجيولوجية جعلت المشككين أكثر انفتاحا على واقع تغير المناخ.

وشملت الدراسة 3000 مشاركا - نصفهم من الولايات المتحدة والنصف الاخر من المملكة المتحدة - انقسموا إلى ثلاث مجموعات. ولقد قرأت المجموعات الثلاثة دراسة علمية تحذر من أن التقديرات السابقة لتبديد الكربون في الغلاف الجوي كانت متفائلة جدا وأن العالم يخوض عواقب وخيمة لا يمكن تجنبها (في الواقع، لقد نشر مزيج من دراستين في الطبيعة وفي الاكاديمية الوطنية للعلوم) .

كل مجموعة قرأت مقالاً من بين ثلاث مقالات اخبارية قبل قراءة الدراسة. لقد قرأوا عن العلماء المحبذين لوضع حدود أكثر صرامة للانبعاثات، والعلماء يدعون لمزيد من الأبحاث في الهندسة الجيولوجية، أو إشارات المرور في تطورات الإسكان. بعد انتهاء المشاركين من قراءة كل من المواد، وضعوا نسباً حول صحة هذه الدراسة ومستواها المتصور لخطر تغير المناخ.

وجد الباحثون أن المشاركين الذين قرأوا المقالات الإخبارية حول حدود الانبعاثات الأكثر صرامة، كانوا أكثر استقطابا في ردودهم على الدراسة. وهذا ما حصل، ان الناس الذين اعتنوا بالفعل بتغير المناخ وأولئك الذين كانوا متشككين، كل منهم أصبح متعلقاً أكثر في رأيه. غير ان المقال حول الهندسة الجيولوجية كان له تأثير عكسي، مما جعل المتشككين أكثر انفتاحا على واقع تغير المناخ وجعل مجموعة أخرى متناقضة قليلاً.

دان كاهان، أستاذ القانون وعلم النفس في جامعة ييل، قاد الدراسة. هو يقول إن اثر القيم الثقافية يمكن أن يفسر تأثير الهندسة الجيولوجية على المشاركين. في مركز وظيفة على موقع إدراك المشروع الثقافي، شرح أن المشاركين قد ينقسمون إلى فئتين:

مجموعة متساوية ومؤلفة من الذين يشكون من الناحية الأخلاقية بالتجارة والصناعة، ويجدون انه من التجانس الاعتقاد بأن هذه الأنشطة تشكل خطرا، وبالتالي تستحق التنظيم. اما المجموعة الهرمية في المقابل، فتميل الى ان تكون رافضة لمخاطر المطالبات البيئية، بما في ذلك تغير المناخ، لأنهم يقدرون التجارة والصناعة وينظرون (دون وعي) أن مثل هذه المطالبات ستؤدي إلى تقييدهم.

لذلك فمن المنطقي أن المقال حول الحد من الانبعاثات سيروق للجماعة المتساوية، في حين أن المقال الموجه نحو ابتكار الهندسة الجيولوجية من شأنه أن يروق للفريق الثاني.

من المهم أن نلاحظ، مع ذلك، أن تأثير هذه المقالات على آراء الناس كان فعلا صغيراً جدا، ويقول كاهان، لذلك فإن حملة الهندسة الجيولوجية للتسويق الضخم لا تجعل فجأة المشككين بقلق بالغ إزاء تغير المناخ. لا تزال، كما يقول، نتائج هذه الدراسة مهمة لأنها كانت غير متوقعة (على الأقل في حالة الهندسة الجيولوجية)، وتظهر كيف ان الأرضية المشتركة والتواصل المثمر ممكنان إذا ما أخذت بعين الاعتبار القيم الثقافية.

ويقوا كاهان: "بعض الناس الذين هم من المشككين يتصرفون بشكلٍ غريب وبحماس حول التكنولوجيا"، لذلك فإن تصنيفهم كمناهضين للعلم ليس مفيداً او دقيقاً.

وحول الناس الذين يقلقون من الاعتماد بصورة كبيرة على الهندسة الجيولوجية بدلا من تخفيف استخدامها، يقول كاهان على غرار كرافيتز، ان المشكلة الأكبر هي مجرد جعل الناس يتحدثون عن تغير المناخ.

واضاف "اعتقد انه غريب أن الناس يعتقدون أن المشكلة مع الهندسة الجيولوجية هي في تبديد الدعم الشعبي للقيام التخفيف، غير ان المشكلة الحقيقية تكمن بعدم وجود الدعم الشعبي للقيام التخفيف"، ويقول كاهان. وقال "نحن نحاول معرفة ماذا يخلق المناخ، لكي يستطيع الناس التعامل معها بجدية على غرار نعاطيهم بالنقاشات السياسية".

بالإضافة إلى ذلك، كما يقول، عدم التحدث عن الهندسة الجيولوجية يمكن فعلا أن يسبب المزيد من المشاكل بدلاً ان يحلها لأن ذلك من شأنه أن يظهر مشككي الهندسة الجيولوجية من المنافقين. إذا كان من الجدير ان يتخذ موضوع الصقور على محمل الجد، فيجب أن تنخذ على محمل الجد العلماء عندما يتحدثون عن إمكانات الهندسة الجيولوجية.

من المنطق أن نخاف من الهندسة الجيولوجية. لا يمكننا أن نعرف على وجه اليقين ماذا سيحدث لو حاولنا، كما ان تشويه المناخ عبر نطاق واسع، اضافة الى التكنولوجيات التي لم تختبر بعد، كبات وكأن شيئاً من الخيال العلمي. احياناً، إن فريق عمل الفيلم الخيالي "سنوبيرسير" 2014 ، المستند على رواية مصورة فرنسية تدعى "لو تراسبرسوناج" حصل في مستقبل بائس حيث فشلت قوات الهندسة الجيولوجية ان تجعل الجميع يعيشون إلى الأبد في قطار عملاق ولا يتوقف دورانه حول العالم.

ولكن تماما مثل غيره من افلام الخيال العلمي، افلام والسفر عبر الزمن، والذكاء الاصطناعي، ان مفهوم الهندسة الجيولوجية هو انه من خلال تحفيز الخيال واثارة تساؤلات حول الأخلاق، والسياسة، وحدود الإبداع البشري، يمكن أن يؤثر على المجتمع من دون ان يصبح حقيقة واقعة.انه أمر خطير، ويعلم العلماء ذلك، ولكن عدم المناقشة في هذا الموضوع هو امر خطر كذلك.

المصدر: grist.org - http://grist.org/climate-energy/why-we-should-talk-about-geoengineering-even-if-we-never-do-it/

تابعنا على #climatechangelb للمشاركة معنا.

يمكنك التحقق من تغير المناخ على شبكة الإنترنت: www.moe.gov.lb/climatechange

هذه المعلومات قدمت لكم من خلال الشراكة بين فريق تغير المناخ في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في وزارة البيئة وموقع نهارنت. ان وجهات النظر والآراء الواردة في هذا المقال لا تعكس بالضرورة السياسة الرسمية أو موقف أي حزب او مؤسسة.

التعليقات 1
Default-user-icon Citizens-Vs-Spraying (ضيف) 07:47 ,2015 نيسان 13

Geoengineering is already taking place. Look up at the fake clouds being sprayed.