حلب تحت القصف وصورة طفل مغطى بالدماء تتحول رمزا لمعاناة المدنيين
Read this story in English
تواصلت الغارات السورية والروسية الكثيفة الخميس على حلب حيث تحولت صورة طفل سوري بعد انقاذه من تحت الانقاض رمزا لمعاناة المدنيين في المدينة بعدما تم تداولها بكثافة على مواقع التواصل الاجتماعي.
ومع تزايد القلق الدولي، ابدت روسيا حليفة النظام السوري استعدادها لاعلان هدنة انسانية اسبوعية لمدة 48 ساعة "اعتبارا من الاسبوع المقبل" في حلب فيما دعا الاتحاد الاوروبي الى وقف فوري للمعارك بين قوات النظام والفصائل المقاتلة في المدينة.
وتعرضت الاحياء الشرقية في مدينة حلب ومناطق تحت سيطرة الفصائل المقاتلة في محافظة ادلب (شمال غرب) لغارات كثيفة الخميس.
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس "تشن طائرات سورية وروسية عشرات الغارات يوميا على محافظة ادلب وريف حلب الغربي لمنع الفصائل من ارسال تعزيزات الى مواقعها في جنوب مدينة حلب".
وشنت فصائل مقاتلة بينها جيش الفتح، الذي يضم جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقا قبل فك ارتباطها مع تنظيم القاعدة) في 31 تموز هجوما على جنوب غرب حلب. وتمكنت من التقدم في منطقة الراموسة والكليات العسكرية، ما مكنها من كسر حصار كانت قوات النظام قد فرضته على الاحياء الشرقية في حلب وقطع طريق امداد رئيسي لقوات النظام الى غرب حلب.
ومع القلق المتزايد حول اوضاع المدنيين العالقين في المدينة، غزت صورة الطفل السوري عمران البالغ من العمر اربعة اعوام بعدما نجا من غارة ليلا، مواقع التواصل الاجتماعي.
وعمران، هو احد الاطفال الناجين من غارة استهدفت المبنى حيث يقطن وعائلته في حي القاطرجي، الذي تسيطر عليه الفصائل المعارضة في مدينة حلب في شمال سوريا.
وفي شريط فيديو بثه مركز حلب الاعلامي القريب من المعارضة، يجلس عمران على مقعد داخل سيارة اسعاف. الغبار يغطي جسده والدماء على وجهه. يبدو مذهولا ولا ينطق بكلمة. يمسح الدماء بيده الصغيرة ثم يعاينها بهدوء من دون ان يبدي اي ردة فعل.
وتدور منذ نحو ثلاثة اسابيع معارك عنيفة في المنطقة حيث تحاول قوات النظام وحلفاؤها استعادة المواقع والنقاط التي خسرتها.
- "هدنة انسانية" روسية-ابدت روسيا استعدادها لاعلان هدنة انسانية اسبوعية لمدة 48 ساعة "اعتبارا من الاسبوع المقبل" في مدينة حلب لتسهيل وصول المساعدات الانسانية.
واعلن الناطق باسم وزارة الدفاع الروسية ايغور كوناشينكوف ان هذه الهدنة الانسانية هدفها "افساح المجال امام ايصال المساعدات الى سكان حلب" مشيرا الى ان "الموعد والوقت الدقيقين سيحددان بعد تلقي الامم المتحدة المعلومات حول تحضير القوافل والضمانات من جانب شركائنا الاميركيين بانها ستنقل بامان".
وهذه الامدادات تتعلق بحسب قوله بالاحياء الشرقية في حلب الخاضعة لسيطرة الفصائل والقسم الغربي الخاضع لسيطرة قوات النظام عبر استخدام طريقين مختلفين.
من جهته دعا الاتحاد الاوروبي الى "وقف فوري" للقتال في حلب لتسهيل وصول المساعدات الانسانية والطبية الى حوالى 1,5 مليون مدني عالقين فيها.
وقالت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني في بيان ان "الاتحاد الاوروبي يدعو مع الدول الاعضاء فيه الى وقف فوري للقتال في حلب لافساح المجال امام اجلاء حالات طبية وايصال المساعدات واصلاح البنى التحتية الاساسية من مياه وكهرباء".
- "اشتباكات وجها لوجه"-قتل الاربعاء 25 شخصا يتوزعون بين 15 مدنيا وعشرة مقاتلين جراء الضربات الكثيفة على مدينة ادلب التي تعرضت الخميس لضربات جوية مماثلة، وفق المرصد.
ويسيطر جيش الفتح الذي اعلن في السابع من الشهر الحالي بدء مرحلة "تحرير حلب كاملة"، على كامل محافظة ادلب منذ الصيف الماضي.
واوضح عبد الرحمن ان "الفصائل تضع كل قوتها في المعارك في وقت باتت قوات النظام منهكة" في جنوب غرب حلب موضحا ان الغارات التي تشنها الطائرات السورية وكذلك الروسية دعما لقوات النظام "لا تبدو فعالة كثيرا باعتبار ان الاشتباكات تتم وجها لوجه ومن مسافات قريبة". واضاف "لا تتمكن قوات النظام من استعادة المواقع تحت سيطرة الفصائل".
وقال مصدر سوري ميداني لفرانس برس ان "الجيش يضاعف هجماته على نقاط سيطرة المسلحين لاختبار خطوط الدفاع وقتل العدد الاكبر من المقاتلين قبل ان ينسحب لتجنب سقوط عدد كبير من الضحايا في صفوفه".
ويرى محللون ان المعركة الشرسة في حلب قد تتحول الى حرب استنزاف طويلة الامد، فمن غير المرجح ان يتمكن اي من الطرفين من حسمها لصالحه في وقت قريب.
من جهة اخرى، اعلنت وزارة الدفاع الروسية في بيان الخميس ان 18 قاذفة من طراز توبوليف وسوخوي انطلقت من قواعد في روسيا وايران وشنت ضربات على مواقع لتنظيم الدولة الاسلامية في محافظة دير الزور (شرق).
- قصف الاكراد -على جبهة اخرى في شمال شرق سوريا، استهدفت طائرات النظام الخميس ستة مواقع على الاقل للقوات الكردية في مدينة الحسكة، تتوزع بين ثلاثة حواجز وثلاث مقار لوحدات حماية الشعب الكردية والشرطة التابعة لها "الاسايش"، بحسب المرصد.
هذه المرة الاولى التي يستهدف فيها الطيران السوري مواقع تحت سيطرة المقاتلين الاكراد في سوريا، منذ بدء النزاع في 2011، وفق ما اوضح مصدر امني سوري والمرصد لوكالة فرانس برس.
وتدور اشتباكات عنيفة بين الطرفين منذ ليل امس في الحسكة، على خلفية توتر مستمر منذ الثلاثاء اثر تبادل الاتهامات بتنفيذ اعتقالات خلال الاسبوعين الاخيرين وفق المرصد.
وادت الاشتباكات الى مقتل 11 شخصا على الاقل وفق مصادر طبية في المدينة.
ويسيطر الاكراد على ثلثي مساحة الحسكة فيما تسيطر قوات النظام على الجزء الاخر من المدينة وتحتفظ بمقار حكومية وادارية تابعة لها.
واوضح مصدر حكومي في المدينة لفرانس برس ان اجتماعات عقدت بين الطرفين في وقت سابق "لاحتواء التوتر وحل الخلاف سلميّا، لكن الوحدات الكردية طالبت بحل قوات الدفاع الوطني" في المدينة.
وقال ان هذه "الضربات الجوية هي بمثابة رسالة للاكراد للكف عن مطالبات مماثلة من شأنها ان تمس بالسيادة الوطنية".
ويعد مقاتلو الدفاع الوطني القوة الاكبر الموالية لقوات النظام وهم يخوضون المعارك الى جانبه على كافة الجبهات ضد الفصائل المقاتلة والجهاديين.
وقال مصدر امني سوري لفرانس برس "يجب الا يحولوا (الاكراد) حلمهم بالحكم الذاتي الى واقع".
وفي اذار الماضي، اعلن الاكراد النظام الفدرالي في مناطق سيطرتهم في شمال سوريا.


