بطاركة الشرق يطالبون بإصدار فتاوى تحرم الإعتداء على المسيحيين والحريري يدعو للتحرك "لوقف الجريمة"

ناشد بطاركة الكنائس الشرقية إصدار فتاوى تحرم الإعتداء على المسيحيين وغيرهم من الأبرياء في الشرق، داعين كل من يمول التطرف إلى "وقف التسليح فورا"، رافضين استقبال الدولة الغربية للمسيحيين "لأننا لسنا طلاب حماية من أحد".

وقال المطران بولس مطر بعد اجتماع للبطاركة في الصرح البطريركي الماروني في الديمان الخميس "وصل الأمر إلى حد إقصاء المسيحيين عن أرض الآباء والأجداد قهرا وظلما من دون مبرر".

واليوم الخميس اعلن بطريرك بابل للكلدان في العراق والعالم لويس ساكو - والذي كان ممثله المطران شليمون وردوني في اجتماع الديمان - ان مئة الف مسيحي فروا بملابسهم باتجاه مدن اقليم كردستان، بعد هجوم جهاديي تنظيم الدولة الاسلامية الذين احتلوا الخميس الكنائس وانزلوا الصلبان وحرقوا 1500 مخطوطة.

وعليه رأى مطر باسم البطاركة أن "طرد كل المسيحيين من مدينة الموصل ومن كل بلدات نينوى ليس حادثا طارئا وليس نزوحا طوعيا ناجما عن خوف أو سعي لإيجاد مناطق آمنة بل هو قرار اتخذه تنظيم داعش أرغمهم عن الرحيل عن ديارهم خلافا للشرائع الدولية".

وأعلن ان "اللجوء إلى هذا القرار الذي اتخذه أصحابه باسم الإسلام عمل مشين يندرج في سياق التمييز العنصري الذي يرفضه الشعوب".

ودق البطاركة "ناقوس الخطر مطالبين بأن يكون هذا الشجب عاما ويؤدي إلى اتخاذ مبادرات تصحح هذا المسار المنحرف" آسفين لأن يبقى الموقف الإسلامي والعربي والدولي "ضعيفا وخجولا وغير كاف لا يعكس التنوع التاريخي لشعوب المنطقة".

كذلك أسفوا لـ"تشجيع بعض الدول الأوروبية على استقبال المهجرين الأمر الذي نرفضه لأن المطلوب من مجلس الأمن الدولي أن يتخذ قرارا حاسما يلزم أصحاب الأرض بالعودة إلى أرضهم"، متابعين "لسنا طلاب حماية من أحد بل نحن أصحاب حق ونعتبر أن على الدول أن تمنع أي تغير ديمغرافي" في المنطقة.

كما دعوا في الوقت عينه "كل الأنظمة التي تدعم وتنظم وتسلح أو تتوقف لأن التطرف الديني سيطال سلبا من لم يقاومه" في موازاة دعوة "مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية بالمباشرة بالتحقيقات ووضع حد لما يحصل".

أما عن سوريا رأى المجتمعون أن "الأحداث الدامية باتت حربا عبثية لا تؤدي إلا إلى مزيد من الهدم والقتل" مطالبين "الدول التي تمد بالسلاح إيقاف هذه الحرب كي يعود النازحين إلى أرضهم ويخرجون من حال البؤس التي هم فيها".

وأضاف مطر "كم آلمت الآباء أحداث غزة التي دفع فيها المواطنون الفلسطينيون الثمن الغالي وإنهم يطالبون بوقف العدوان وانسحاب القوات الإسرائيلية ورفع الحصار والإفراج عن الأسرى فإن سقوط 2000 قتيل جريمة ضد الإنسانية ونطالب بدولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية".

وتطرقوا إلى أحداث عرسال التي "آلمت الآباء الذين يشكرون الجيش الذي واجه الإعتداء وساعد المدنيين بالخروج من محنتهم ويعرب الآباء عن دعمهم الكامل للجيش وقوى الأمن بوجه الإرهابيين والتكفيريين".

في المقررات اشد البطاركة "المرجعيات الإسلامية السنية والشيعية إصدار فتاوى تحرم الإعتداء على المسيحيين وغيرهم من الأبرياء وعلى ممتلكاتهم".

كذلك أعلنوا التضامن "غير المحدود مع إخوتنا المبعدين عن أراضيهم وسنسهم في إعادتهم إلى أرضهم"، مناشدين "الأسرة الدولية ألا تتخلى عن مسؤولياتها حيال هذا الواقع السياسي والإنساني الأليم".

إلى ذلك دعوا الدول "للوقوف عن التعاطي مع التنوع الحضاري بمنطق أقلوي وكأن الحضور الإنساني ليس إلا تعدادا".

أما الخطوة الملحة فتبقى "مساعدة أبنائنا المهجرين والمنكوبين جراء الإعتداءات ونطالب بإرسال معونات إنسانية تهدف إلى تأمين مستلزمات حياة كريمة لهم ما يسهم ببقائهم في أرض الآباء ويتسنى لهم العودة إلى بيوتهم" بحسب البيان.

وكرر مطر أكثر من مرة أن "المسيحيين في الشرق يعانون من حالة اضطهاد شديد ويستولي عليها الأصوليون أمام صمت عالمي وهذه وصمة عار على البشرية".

وعقب البيان أعلن رئيس تيار "المستقبل" النائب سعد الحريري معتبرا أنه "صرخة يجب ان تطرق أسماع كل القيادات والأنظمة العربية والإسلامية".

واستنكر الحريري كيف أن المجتمع الدولي "يتغافل عن الحرائق المشتعلة في الشرق ويترك شعوبه وتجاربه الحضارية بالعيش المشترك".

ورأى أن الدعوى لإصدار الفتاوى هو "خطاب يجب ان يكون محل تبني علماء العدل والاعتدال، الذين تقع على عاتقهم مسؤولية التصدي الفكري والعقائدي والشرعي لذلك الزحف الأسود، الذي يسئ الى جوهر الدين الاسلامي الحنيف، ويوصم المسلمين في كل مكان من العالم بصفات الشر والظلم والعدوان".

ودعا الحريري الجامعة العربية الى تحمل مسؤولياتها في هذا الشأن "وإيجاد الآليات السريعة للتعاون مع المجتمع الدولي لحثه على التحرك بكل الوسائل، لإنهاء الجريمة المستمرة في العراق خصوصاً، والتي ترمي الى اقتلاع الوجود العربي المسيحي من الشرق، ووضع الاسلام والمسلمين في دائرة الاتهام بتنفيذ جريمة إنسانية وعنصرية، لا وظيفة لها سوى التحريض على الاسلام والإساءة اليه".