تباين عميق بين دمشق والمعارضة حيال مضمون محادثات استانا وهدفها

Read this story in English W460

يذهب وفدا النظام السوري والمعارضة الى محادثات استانا الاثنين المقبل في ظل خلاف جذري حول جدول الاعمال وهدف المباحثات، اذ تصر دمشق على بحث حل سياسي "شامل" للنزاع، فيما تؤكد الفصائل ان النقاش سيقتصر حصرا على تثبيت الهدنة.

وتبذل موسكو وطهران، أبرز حلفاء دمشق، مع انقرة الداعمة للمعارضة، جهودا حثيثة لانجاح محادثات استانا بين ممثلي النظام والفصائل الذين سيعودون للتفاوض للمرة الاولى منذ فشل الجولة الاخيرة من مفاوضات جنيف في نيسان جراء التباين الكبير بشأن العملية الانتقالية ومصير الرئيس السوري بشار الاسد.

وفي وقت يحافظ الطرفان على رئيسي وفديهما الى جنيف في محادثات استانا، يبدو التباين واضحا حيال تركيبة الوفد والملفات التي يرغبان بنقاشها وجدول اعمال المحادثات التي تأتي استكمالا لوقف اطلاق النار المستمر على الجبهات الرئيسية منذ 30 كانون الاول على رغم الخروقات.

على صعيد الشكل، يرئس محمد علوش، القيادي في جيش الاسلام، وهو فصيل نافذ في ريف دمشق، وفد المعارضة الذي سيضم قرابة عشرين عضوا، وفق ما اكد رئيس الدائرة الاعلامية في الائتلاف الوطني لقوة الثورة والمعارضة السورية احمد رمضان لوكالة فرانس برس الثلاثاء.

وتشارك الفصائل عبر وفد عسكري يعاونه فريق تقني يضم مستشارين سياسيين وقانونيين من الهيئة العليا للمفاوضات الممثلة لاطياف واسعة في المعارضة السورية. 

في المقابل، ترسل دمشق وفدا سياسيا رسميا "ممثلاً للدولة السورية مجتمعة"، وفق ما ذكرت صحيفة "الوطن" السورية القريبة من دمشق في عددها الثلاثاء.

وسيكون الوفد "مماثلاً للوفد الذي ذهب سابقاً إلى جنيف"، وفق الصحيفة ويضم شخصيات عسكرية وقانونية برئاسة سفير سوريا في الأمم المتحدة بشار الجعفري.

ولا يجمع اي شبه بين الجعفري وعلوش. فالاول دبلوماسي مخضرم متمرس ومحنك ويجيد لغات عدة. اما الثاني فهو قيادي في فصيل اسلامي معارض مدعوم من السعودية برز بعد اندلاع النزاع الذي تشهده سوريا منذ العام 2011.

في جنيف، تبادل الرجلان الاتهامات مرارا وغالبا ما كان الجعفري يصف علوش بـ"الارهابي"، ويرد الاخير باتهام قوات النظام بارتكاب "المجازر" في سوريا، داعيا الى الاستمرار في قتالها ورحيل الرئيس الاسد.

- "حل شامل" -ويبدو الاختلاف في تركيبة الوفدين هامشيا مقارنة مع التباين حيال رؤيتهما لمضمون المحادثات بحد ذاتها والتي قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الثلاثاء أن من أهدافها "أولا تثبيت وقف اطلاق النار".

ويقول أحمد رمضان، وهو قيادي في الائتلاف السوري المعارض، لفرانس برس "جدول الاعمال الرئيسي بالنسبة الينا يتضمن تثبيت وقف اطلاق النار، وقف التهجير القسري، بالاضافة الى ادخال المساعدات الى المناطق المحاصرة".

ومع تأكيد رمضان ان "تفاصيل العملية السياسية متروكة لمفاوضات جنيف" والتي تأمل الامم المتحدة باستئنافها في الثامن من شباط/فبراير، تريد دمشق بحث "حل سياسي شامل" في استانا.

وكتب رئيس تحرير صحيفة "الوطن" وضاح عبد ربه في افتتاحية الجريدة الثلاثاء "لا يتوهم أحد أن دمشق ذاهبة إلى أستانا للبحث في وقف للعمليات القتالية، كما يريد البعض أن يروج، أو لتثبيت ما سمي بوقف لإطلاق النار، بل دمشق ذاهبة في إطار رؤيتها لحل سياسي شامل للحرب على سوريا... ولإعادة فرض هيمنة وسيادة الدولة على كامل الأراضي السورية".

ورأى انه رغم ان "الحوار سيبدو بين الفصائل والدولة، لكنه في الواقع بين دمشق وأنقرة برعاية روسية وإيرانية، وعلى أرض محايدة عن الضغوطات الغربية".

واتهمت دمشق مراراً الموفد الدولي الخاص الى سوريا ستافان دي ميستورا بعدم الحياد، معتبرة انه يتخطى مهامه كـ"ميسر" للحوار.

- نقاط "اشكالية"-وتراهن دمشق، وفق الصحيفة، على ان "الحل مع هذه الفصائل أو الميليشيات قابل للنجاح، لكونها متواجدة على الأرض وتسيطر على الآلاف من المقاتلين السوريين الذين فوضوا قادتهم بالحوار من أجل إنهاء الحرب".

وتعد هذه المحادثات الاولى التي ستجري برعاية روسية تركية ايرانية بعد استبعاد اي دور لواشنطن التي شكلت مع موسكو الطرفين الضامنين للهدن السابقة التي مهدت لجولات المفاوضات بين طرفي النزاع في جنيف.

ويرى رمضان ان "محاولة النظام القول ان المحادثات ستجري بينه وبين تركيا، دليل على مدى توتره وتناقض تماما ما دأب على المطالبة به في جنيف لناحية ان يكون الحوار سوريا سوريا"، مضيفا "هذا الكلام غير واقعي اطلاقا". 

ويتحدث باسهاب عن "اشكاليات تحيط بخمس نقاط اساسية، اولها ان الضمانات التي تقدم للمعارضة شفهية، وثانيها عدم تسلم جدول اعمال رسمي بعد، عدا عن ان مرجعية الاتفاق ليست معروفة".

ويشرح في هذا الاطار ان "المقصود بالاشكالية الاخيرة هو في حال حدوث خلاف حول تفصيل معين الى من وماذا سيحتكمون؟"، مذكرا بان القرارات الدولية بشان سوريا شكلت مرجعية اساسية لمحادثات جنيف.

كما يشير الى نقطتين اشكاليتين تتعلقان "بغياب اي تصور حول مخرجات الحوار، وكذلك بشكل المحادثات، بمعنى هل ستكون مباشرة ام لا".

ولا يبعث حجم الهوة القائمة بين الطرفين وحلفائهم حيال مضمون المحادثات آمالا بامكانية تحقيق تقدم في استانا، خصوصا ان عدم التوافق على جدول الاعمال في جنيف اعاق امكانية تحقيق تقدم في المفاوضات التي بقيت في المربع ذاته.

ويقول الخبير في الشؤون السورية توما بييريه لفرانس برس ان ما ستشهده استانا هو "مفاوضات ذات طابع عسكري تهدف الى تجميد الصراع اكثر من ايجاد حل بالمعنى السياسي".

التعليقات 0