التقرير السنوي للمحكمة:القرار الإتهامي ليس نهاية التحقيق واعتباراته السياسية لا نأخذها في الحسبان

Read this story in English W460

نشر رئيس المحكمة الدولية الخاصة بلبنان القاضي أنطونيو كاسيزي الذي يبين الإنجازات التي حققتها المحكمة خلال السنة الماضية وكذلك التحديات التي واجهتها.

وذكر القاضي كاسيزي أن السنة المنصرمة كانت حافلة بالتطورات المهمة في تاريخ المحكمة فقد كان قيام المدعي العام بتقديم أول قرار إتهامي إلى قاضي الاجراءات التمهيدية دانيال فرانسين أمرا في غاية الاهمية "إذ يعد ايذانا ببدء المرحلة القضائية من حياة المحكمة". كما جاء في بيان المكتب الإعلامي للمحكمة.

ويستعرض التقرير السنوي عمل جميع أجهزة المحكمة ومن الانجازات البارزة التي حققتها المحكمة خلال السنة الماضية قيام المدعي العام بتعزيز عمليات التحقيق وتقديم قرارا اتهاميا.

وأبدى كاسيزي رغبته في "إنجاز عمليات التحقيق وتقديم جميع قرارات الاتهام إلى قاضي الإجراءات التمهيدية قبيل نهاية شهر شباط 2012".

أما التقرير السنوي فعلق على "التصريحات المعادية للمحكمة تصاعدت فبلغت حد الترهيب الواضح والعنف الجسدي".

وفي إشارة إلى تقارير "حقيقة ليكس" التي نشرتها محطة "الجديد" فأشار:"بثت بطريقة غير مشروعة تسجيلات صوتية لمقابلات سرية مع شهود كانت قد أجرت لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة".

كما رأى أنه "من الواضح أن هذا البث كان يهدف إلى الطعن في صدقية المحكمة وتقويض ثقة الشهود فيها".

وأضاف :"حاول مكتب المدعي العام منع بث مواد التحقيق السرية، مشددا على مخالفة هذا العمل للقانون" مشيرا إلى أن بلمار "بدأ أيضا تحقيًقا في الأمر لمعرفة الطريقة التي ظهرت فيها هذه المواد إلى العلن والطريقة التي يمكن معها منع هذا الكشف غير المسموح به عن المعلومات في المستقبل" موضحة أن مساعدة " طلبت المساعدة من النائب العام التمييزي اللبناني" سعيد ميرزا.

وأشار التقرير أيضا إلى "العنف الجسدي" الذي حصل مع المحقيقن فروى أنه "تم الإعتداء جسديا على محققين من مكتب المدعي العام ومترجمة فورية من المحكمة، في أثناء إجراء مقابلة مشروعة في جنوب بيروت بتصريح من السلطات اللبنانية وبموافقة الشاهدة" أي الدكتورة إيمان شرارة.

وتابع في السياق عينه:"بدأ تحقيق في الحادثة داخل المحكمة ومن قبل النائب العام التمييزي اللبناني، وُأبلغ مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بالحادثة".

كذلك كشف أن "الهيئة العامة للقضاة قامت بناءً على طلب من مكتب المدعي العام، بتعديل قواعد الإجراءات والإثبات تعديلا يبين أ ّن عرقلة سير العدالة سواء حصلت في المحكمة أو في مكان اخر وكانت تتعلق بالاجراءات امام المحكمة وبالجرائم الواقعة ضمن اختصاصها، تعتبر جريمة تعاقب عليها المحكمة".

ولفت التقرير إلى أن إيداع القرار الاتهامي يعد خطوة هامة في الإجراءات "إلا أنه ليس إلا خطوة أولى وقرار الاتهام ليس إلا ادعاء يرفعه المدعي العام بناءً على أدلة جمعت حتى تاريخه، وفًَقا للمعيار القانوني المحدد في النظام الأساسي للمحكمة".

وعليه شدد التقرير على أنه "يبقى مطلوبا بذل المزيد من الجهود للتأكد من أن قرار الاتهام المصدق يستوفي شرط اليقين "بدون أدنى شك معقول في أثناء المحاكمة" مضيفا:"سيستمر التحقيق للكشف عن هوية أشخاص آخرين مسؤولين عن الاعتداء".

كذلك أعلن أن "التحقيق سيواصل أيضا لكشف الحقيقة في قضايا الاعتداءات الأخرى التي تقع ضمن اختصاص المحكمة" في إشارة إلى الإغتيالات الأخرى التي حصلت في لبنان منذ العام 2005.

وعن تداعيات ما بعد القرار الإتهامي في لبنان، أوضح التقرير التالي :"يجب علينا باعتبارنا موظفين في الخدمة المدنية الدولية يعملون في مؤسسة قضائية دولية وباعتبارنا على سبيل التحديد قضاة مستقلين، الامتناع عن أخذ الاعتبارات السياسية في الحسبان".

لكن كاسيزي قال "إن المحكمة بكل أجهزتها، مدركة "للآثار الجسام" التي قد تترتب على صدور كل قرارات الاتهام، مشددا في الوقت نفسه على حاجة لبنان الماسة إلى العدالة.

أما بالنسبة إلى الشكوك حول عمل المحكمة ذكر بأن إخلاء سبيل الضباط اللبنانيين الأربعة ومراجعات المدير العام للأمن العام سابقا اللواء الركن جميل السيد في المحكمة الدولية هي "دليلا وافرا على روحها المهنية ونزاهتها واستقلاليتها".

وعن توقيت القرار الإتهامي أوضح التقرير أنه "قد بستغرق وقتا أطول من الوقت الذي كنا نأمل أن يستغرقه في البداية،غير أن قاضي الإجراءات التمهيدية يعمل هو وفريقه بأسرع طريقة ممكنة مع الحرص على ضمان نزاهة وعدالة هذه العملية".

من جهة أخرى أشار إلى أن النهج المستقبلي للمحكمة سيكون بـ"ضمان أن يكون قرار الاتهام في قضية الحريري (رئيس الوزراء الأسبق) إذا جرى تصديقه بناءً على الأدلة الأولية، قرارا يستوفي شرط اليقين "بدون أدنى شك معقول" المطلوب في المحاكمات".

وإذ أكد مواصلة بذل الجهود المكثفة لجلب الآخرين إلى العدالة ممن قد يكونون مسؤولين عن الاعتداء شدد على "السعي إلى جلب المسؤولين عن اعتداءات أخرى يتبين أنها مرتبطة به".

وفي ما خص الميزانية والتمويل لم يشير التقرير أبدا إلى الحكومة الجديدة في لبنان وتأثيراتها في هذا المجال بل اكتفى بالتذكير أن عليها 49% من المساهمة وبالتوضيح أن المحكمة تلقت منذ بدايتها مساهمات من 25 بلدا إما في شكل تبرعات أو دعم عيني".

والبلدان المساهمة، بالإضافة إلى لبنان هي:"النمسا، وبلجيكا، وكندا، وكرواتيا، والجمهورية التشيكية، وفرنسا، وفنلندا، وألمانيا، واليونان، وهنغاريا، وايرلندا، وإيطاليا، واليابان، والكويت، ولكسمبورغ، وهولندا، ودول إقليمية، والاتحاد الروسي، والسويد، وجمهورية مقدونيا اليوغوسلافية السابقة، وتركيا، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة، وأوروغواي" دائما بحسب التقرير.

أما الجزء الأخير من التقرير فيركز على مبدأ العدالة:"يغفل منتقدو المحكمة أيضا عن الطابع الحقيقي للتأثير المحتمل لمؤسسة جنائية دولية على المجتمع اللبناني بوجه عام".

وأضاف:"فلا يقتصر المراد من ترسيخ العدالة على معاقبة أولئك الذين ينتهكون قواعد المجتمعات المتحضرة انتهاكا صارخا، وعلى التخفيف من شدة الآلام التي يعاني منها المتضررون، بل يشمل أيضا إعادة إقامة مقدار من العلاقات السلمية في مجتمعات ابتليت بالعنف المزمن".

كذلك شدد على أن "المشكلات تظل تتفاقم إذا ما ارتكبت جرائم عنيفة وخيمة العواقب على المجتمع برمته، ولم تتحرك العدالة لتثبت أن وجود مؤسسة عامة نزيهة يمكن أن يؤدي إلى معاقبة المجرمين واستعادة الاحترام لمقتديات القانون".

إلى ذلك استشهد التقرير بمقولة للفيلسوف الألماني جورج ويلهلم فريدريك هيغل:"فلتأخذ العدالة مجراها كي لا يفنى العالم" أو بالألمانية: " fiat justitia ne pereat mundus".

التعليقات 0