سليمان في عيد الإستقلال: للإنفتاح على الحوارعوض البحث عن حجج أوالتشكيك بأهلية المتحاورين

أعلن رئيس الجمهورية ميشال سليمان في ليلة عيد الإستقلال الأربعاء أن الظروف الراهنة تستدعي "الإنفتاح على الحوار" مشيرا إلى أن عمل الدولة سيستمر في وجه "محاولات الترهيب" وأن إعلان بعبدا هو الحل الوحيد للإنطلاق باستراتيجية دفاعية.

وقال سليمان في كلمته السنوية التي ألقاها أمام رئيس الحكومة ووزراء ومسؤولين "ولا يستقيم الاستقلال في هذا الظرف الدقيق من تاريخنا (..) إذا لم نحدد لأنفسنا مجموعة أولويات نلتزمها، وأبرزها واجب الابتعاد عن كل قول وعمل، من شأنه جر لبنان إلى الفتنة الداخلية، أو إلى أتون النزاعات الإقليمية".

كما شدد على "تعزيز مجمل قدراتنا الوطنية المقاومة والرادعة، والتوافق، بحسب ما دعوت إليه، على استراتيجية وطنية للدفاع عن لبنان وحمايته في مواجهة أي خطر أو عدوان أو احتلال، تحافظ على مصلحة الوطن وعلى دور الدولة المركزي ومسؤوليتها في إدارة الشؤون المصيرية".

وعليه ذكر سليمان ان إعلان بعبدا الذي أقر بتاريخ 11 حزيران هو "خريطة طريق فعلية للبنان، من شأنها تجنيبه التداعيات السلبية الممكنة للأزمات الإقليمية وللعنف القائم من حولنا ومساعدته في العبور إلى شاطئ الأمان، بعيدا من لعبة الأمم".

وعن الإعلان أيضا سأل سليمان "كيف لا نستفيد منه لمصلحة لبنان وخيره ؟ ونعمل على تعزيز سيادتنا وتنقية سياستنا الداخلية والخارجية من الشوائب التي اعترتها؟".

ولم يخف رئيس الجمهورية أنه "لم يتورع البعض، بدوافع شتى، منها التعاطف أو الارتهان، من توريط أنفسهم بطرق مختلفة في منطق العنف الإقليمي والمصالح الإقليمية ومن تعريض لبنان لمخاطر الانزلاق نحو منحدرات الفتنة".

وركز على "حوادث الشمال، مرورا بأعمال الخطف، ومحاولة إدخال كميات كبيرة من المتفجرات، وصولا إلى جريمة اغتيال (رئيس فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي) اللواء الشهيد وسام الحسن".

وعليه حدد سليمان الواجب اللبناي وهو "الالتزام الدقيق ببنود "إعلان بعبدا" وروحه" معددا بعض فقراته.

كذلك تابع سليمان "يجب العودة أيها اللبنانيون، في كل وقت وظرف، إلى منطق الحوار ونهج الاعتدال، تمكينا للتشاور القائم من إيجاد حلول ومقاربات عملية ومتوافق عليها، للخروج من حال التأزم والقلق السائدة على مساحة الوطن منذ اغتيال اللواء الشهيد وسام الحسن؛ بموازاة السعي الحثيث والدؤوب لكشف المسؤولين عن هذه الجريمة النكراء، وعن كل من تسبب بزعزعة الأمن والاستقرار وإيذاء المواطنين الأبرياء، وسوقهم إلى العدالة" .

وشرح أن الضرورة تستدعي "كما يفرض الواجب على جميع الأفرقاء في مثل هذه الظروف الدقيقة، الإقدام على الحوار بقلب منفتح وبصدق، عوض البحث عن الذرائع والحجج لتعطيل هذا الحوار أو تقييده بشروط مسبقة، أو التشكيك بأهلية ووطنية المتحاورين".

وترفض قوى 14 آذار المشاركة بالحوار الوطني الذي حدد له سليمان جلسة في 29 من الشهر الجاري إلا أنها لم تقفل الباب أمام مشاورات سليمان لتأليف حكومة جديدة عقب اغتيال الحسن في 19 تشرين الأول الفائت.

وعن الانتخابات النيابية المقبلة سأل رئيس الجمهورية "كيف يجوز لنا أن نسمح بأن تشكل سببا لزعزعة الاستقرار، وقد دأبنا على الاعتزاز بتقاليدنا الديموقراطية في هذا الشرق، وفي صلبها التداول الدوري والسلمي للسلطة؟ وكيف نتنكر لها ونحجم عن إجرائها، في وقت باتت الانتخابات سمة الدول العربية التي تتلمس طريقها نحو الديموقراطية؟".

بناء عليه كشف سليمان قائلا "عقدنا العزم على احترام كل الاستحقاقات الدستورية وعلى إجراء الانتخابات النيابية في مواعيدها، بعيدا من أي ترهيب أو ترغيب، بصفتها خيارا أرقى من خيار التأجيل والإرجاء".

ولاحظ أنه "إذا ما وضعنا هذا الهدف نصب أعيننا، واستبعدنا التأجيل في أي حال من الأحوال، فلا بد أن يقودنا ذلك إلى التشاور والتوافق على قانون انتخاب عصري جديد" آملا "في أن يسمح بكسر حدة الاصطفاف الطائفي" .

وشدد سليمان على أن "التطورات الإقليمية والأزمات السياسية الظرفية، على جديتها، ومحاولات الترهيب، لا يمكن أن تثني الدولة عن متابعة مسيرتها، أو أن تدفع بالمؤسسات الشرعية الى التراجع أو التخاذل".

هذا ونبه قائد الجيش السابق إلى ضرورة "عدم التدخل في شؤون القضاء، وعدم توفير أي غطاء لأي مجرم أو مخالف أو مرتكب، وذلك كي يشعر رجل الأمن ورجل القانون بالطمأنينة إلى أنه يحظى، كما هو مفترض، بالغطاء السياسي والرسمي".

وكان صارما أيضا بدعوة "الأجهزة الأمنية والرقابية هي الحزم، وعدم التهاون في كشف وملاحقة أي مخالفة أو جرم، أكان الأمر يتعلق بتهديد امن الدولة، كمحاولات التفجير والاغتيال، أو باستعمال غير جائز للسلاح في الداخل، أو بأعمال خطف أو ترهيب، بالقول أو بالفعل، للمواطنين أو للرعايا الأجانب، أو بتهريب في الجمارك، أو بمخالفات بناء، أو تعديات على الأملاك العامة البرية منها والبحرية، أو باستهتار بسلامة الغذاء، أو تزوير للدواء، أو ترويج للمخدرات، أو تلويث للبيئة، أو رشوة وفساد، أو بأي إخلال بحقوق المواطنين".

وتوجه سليمان إلى اللبنانيين بدعوتهم إلى عدم الشماح "للتنافس السياسي المشروع، بأن يخرج من نطاق الممارسة الديموقراطية السليمة، وأن تجركم المهاترات والمغامرات بعيدا من همومكم الفعلية، إلى منزلقات لا تخدم مصالحكم وخيركم وهناء عيشكم والمصالح العليا للوطن".

وختم رئيس الجمهورية كلمته بمناسبة عيد الإستقلال بالمطالبة بأن "نعمل معا، حفاظا على الاستقلال، لإعادة ثقة اللبنانيين بعضهم ببعض، وتعزيز ثقتهم بالدولة؛ وليعلو دوما صوت الحكمة والشجاعة والاعتدال، كي يحيا لبنان الرسالة والكرامة والحضارة والسلام".