الصراع على مناطق النفوذ في اوروبا لا يزال محتدما بعد 75 عاما من اتفاق الماني سوفياتي

Read this story in English W460

لمناسبة الازمة الاوكرانية، تجددت الاتهامات المتبادلة بين الغرب وروسيا بالسعي الى توسيع النفوذ في اوروبا وهو ملف له ابعاد تاريخية عميقة تعود الى 75 عاما بعد توقيع اتفاق سوفياتي الماني تتقاسم فيه القوتان قسما من القارة.

ففي 23 آب 1939 وقع وزير الخارجية السوفياتي فياتسلاف مولوتوف ونظيره الالماني يواكيم فون ريبينتروب اتفاق عدم اعتداء. وتضمن الاتفاق بندا سريا نص على تقاسم اوروبا الشرقية بين الدولتين.

وبعد اسبوعين من توقيع الاتفاق هاجم هتلر بولندا ما ادى الى دخول بريطانيا وفرنسا الحرب. وهاجم الاتحاد السوفياتي شرق بولندا في 17 ايلول 1939.

وعادت مسالة مناطق النفوذ المفترضة لهذه القوة او تلك في اوروبا الى الواجهة مع الصراع القائم بين روسيا والغرب على مصير اوكرانيا.

واعتبرت سوزانا هاست الباحثة في معهد الدراسات العليا الدولية والتنمية بجنيف انه "هناك واقعيا مناطق نفوذ" علاوة على الفارق في القوة بين القوى الكبرى وجاراتها الاضعف. واضافت "من المهم معرفة عن اي نوع من النفوذ نتحدث".

ويركز الاتحاد الاوروبي ضمن اهدافه الرئيسية، على اشاعة القيم الديموقراطية وذلك من خلال سياسة يطلق عليها سياسة "الجوار" يقترح من خلالها اتفاقيات شراكة مع البلدان غير الاعضاء في الاتحاد الاوروبي التي تنفذ اصلاحات ديمقراطية ومضادة للفساد.

واندلعت الازمة الاوكرانية تحديدا بعد ان عرض الاتحاد الاوروبي على اوكرانيا، ودول اخرى في مجموعة الدول المستقلة، اتفاق شراكة.

ورفض الرئيس الاوكراني حينها فيكتور يانوكوفيتش في تشرين الثاني الاتفاق مفضلا مساعدة مالية بقيمة 15 مليار دولار من روسيا. وتكثفت الاحتجاجات اثر ذلك في كييف وادت الى الاطاحة بالرئيس الاوكراني المقرب من روسيا وصعود سلطات مقربة من الاتحاد الاوروبي.

وردت روسيا بتغيير سياستها تجاه اوكرانيا التي اصبحت تمثل تهديدا لمصالحها ضمن ما يعرف ب "الاجنبي القريب" في اشارة الى جيران روسيا والجمهوريات التي كانت تابعة لها في الحقبة السوفياتية.

وتؤكد سوزانا هاست ان "القادة الروس ليسو بحاجة الى تعزيز منطقة نفوذهم الا اذا مارست قوة اخرى نفوذا في هذه المنطقة".

ومنذ شباط الماضي اتهم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الاتحاد الاوروبي معتبرا ان "ممارسة الضغط على اوكرانيا من خلال وضعها امام خيار الاتحاد الاوروبي او روسيا، يشكل محاولة لاقامة منطقة نفوذ".

ورد نظيره الالماني فرانك فالتر شتاينماير بالقول "اوكرانيا ليست رقعة جيوسياسية" لكن يبدو ان روسيا ترى عكس ذلك.

وبرر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين انضمام جمهورية القرم الى الاتحاد الروسي في آذار2014 بماضيها الروسي وبكون معظم سكانها ناطقين بالروسية، لكن ايضا بضرورة الا تقع القاعدة البحرية في سيباستوبول بايدي حلف شمال الاطلسي بعد تغيير النظام في اوكرانيا.

وقال في خطابه في 18 آذار لمناسبة الاحتفال بانضمام القرم الى روسيا ان "الحلف الاطلسي يظل حلفا عسكريا ونحن لا نرغب في رؤية حلف عسكري يتمركز في حديقتنا الخلفية ولا على اراضينا التاريخية".

وحث بوتين في الخطاب ذاته السلطات الاوكرانية الجديدة على حماية مصالح الناطقين بالروسية في اوكرانيا، محذرا من ان امن هؤلاء السكان يشكل "ضمان استقرار اوكرانيا ووحدة واستقلال اراضيها".

ومنذ اربعة اشهر يقاتل انفصاليون موالون لروسيا الجيش الاوكراني في شرق البلاد ذي الغالبية الناطقة بالروسية. وتتهم كييف موسكو بتزويد المتمردين بالسلاح.

وتنفي روسيا ذلك لكنها تؤكد على واجب انساني تجاه سكان شرق اوكرانيا مستعيدة بذلك تبريرات واشنطن لتدخلاتها العسكرية في الخارج التي كانت تندد بها موسكو.

ورات سوزانا هاست انه "بعد ان اتهم الروس الولايات المتحدة بممارسة سياسة الكيل بمكيالين، ها هم ينزلقون الى وسيلة التدخل اولا في اوسيتيا الجنوبية (منطقة انفصالية جورجية) والان في القرم وشرق اوكرانيا".

لكن ديمتري ترينين مدير مركز كارنيغي في موسكو راى ان رهان الصراع القائم تجاوز دائرة النفوذ الروسي في الخارج منذ ان تبنى الغرب عقوبات اقتصادية غير مسبوقة بحق روسيا.

ويؤكد ترينين ان "الكرملين يعتقد ان هدف الولايات المتحدة لم يعد حقيقة ضرب نفوذ روسيا في دونباس (شرق اوكيانيا) او حتى اعادة القرم الى اوكرانيا، بل قلب نظام بوتين من خلال التسبب في ركود اقتصادي وغضب شعبي" ضده.

واضاف "لم يعد الامر يتعلق بصراع على اوكرانيا بل بمعركة (بقاء نظام) روسيا".

 

 

التعليقات 0