أفغانستان تعيد من باكستان عناصر من طالبان تعبوا من الحرب

Read this story in English W460

تتولى شخصية مثيرة للجدل في سلك الشرطة الأفغانية تنظيم عودة مقاتلي حركة طالبان وأسرهم الفارين من باكستان المجاورة، في مبادرة لا تلقى اجماعا وتهدف الى الحد من تأثير اسلام اباد في النزاع المستمر في أفغانستان.

ومنذ فترة طويلة، تتهم أفغانستان باكستان بأنها تؤجج بطريقة سرية تمرد طالبان من خلال إيواء مقاتلين على جانبها من الحدود. وفي ظروف تزداد صعوبة، يرمي هذا المسعى الى إعادة بعض المقاتلين الذين تعبوا من الحرب، ويأمل القائمون به في ان يحدوا بذلك من التأثير السلبي الذي تعزوه أفغانستان الى باكستان المجاورة.

وكان قائد شرطة قندهار الواسع النفوذ، عبد الرازق، الذي يتعرض مع ذلك لانتقادات شديدة بسبب أسالبيه القاسية، دعا في كانون الاول الماضي الى انشاء "ملاذات آمنة" لمقاتلي طالبان الأفغان الذين يبدون استعداداً لتسليم اسلحتهم ويرغبون في العودة الى بلادهم، لكنهم يخشون على سلامتهم.

وذكرت مصادر أمنية انه وضع منذ ذلك الحين خطته موضع التنفيذ. ولجأ أكثر من عشرين متمردا الى هذا الاقليم في الجنوب الأفغاني، وهم قادة من الصف الأول ومقاتلون عاديون.

وتولى هذه العملية التي وافقت عليها كابول لهذه المنطقة فقط، سلطان محمد مساعد عبد الرازق.

وتحدث ثلاثة من هؤلاء المقاتلين هاتفيا مع وكالة فرانس برس من قرى في قندهار لم تكشف اسماؤها. وقالوا جميعا انهم حصلوا فعلا على العفو، وتأمن المسكن للبعض منهم وحصلوا على المال في مقابل تخليهم عن القتال.

واعلن الملا عبد الرؤوف (37 عاما) العضو السابق في اللجنة الاقتصادية لطالبان، "قال لي سلطان محمد: +عد الى بلادك، وطنك، ولا تخف. وأنا أضمن ألا يمسك أحد بسوء".

واضاف عبد الرؤوف الذي انشق هذه السنة وغادر كويتا (جنوب غرب باكستان)، مقر مجلس قيادة طالبان الأفغانية، مع نسائه الثلاث وأطفالهن، "جاء حتى الحدود بالسيارة لاستقبال عائلتي".

ومن شخصيات طالبان التي لجأت ايضا الى قندهار، القائدان ماليم بايدا ومحمد الله خان وقائد متمرد معروف باسم الدكتور خليل.

ولا تؤثر عودة حفنة من المتمردين الاسلاميين من باكستان، كثيرا على مصير النزاع، فيما منيت بالفشل جميع الجهود لاحياء المفاوضات بين الحكومة والمتمردين وتواصلت أعمال العنف.

وقتل عناصر طالبان الاسبوع الماضي اكثر من 140 شخصا في قاعدة عسكرية شمال البلاد، فأثاروا غضب الناس وأوقعوا القوات المسلحة في حالة من الفوضى.

لكن سلطان محمد يعتبر ان جهوده تؤدي الى "حفر ثقوب صغيرة في سد كبير" بهدف اضعاف بنيته حتى ينهار.

واكد لوكالة فرانس برس ان "عودة هذه الشخصيات الطالبانية ستمهد الطريق لآخرين".

- سئموا الحرب -ويعرب أحد هؤلاء العائدين "الدكتور خليل" عن اقتناعه بأن عناصر طالبان يقتدون به. وقال "كانوا سيقتلونني لأنني تخليت عن الحركة".

ولدى وصوله الى أفغانستان مع عائلته، قدم له محمد المأكل والمسكن ومبلغ 200 دولار.

ويساعد خليل الضابط الأفغاني في الوقت الحاضر للحصول على أرقام هاتف عناصر آخرين من طالبان يريدون على الارجح العودة الى بلادهم.

وقال خليل لوكالة فرانس برس ان "كثيرين سئموا من الحرب ويريدون العودة، لكنهم خائفون من أجهزة الاستخبارات على الجانب الباكستاني من الحدود ومن توقيفهم وتعذيبهم في الجانب الأفغاني".

وعلى غرار عبد الرازق، فان محمد ضابط شرطة برتبة عالية ومعروف بقسوته. لكنه تمكن من ان يخضع قطاعات من قندهار كانت تعج بالمتمردين.

وتنفي السلطات الباكستانية الاتهامات الموجهة اليها بدعم التمرد لضمان نفوذها في أفغانستان، مؤكدة في المقابل انها تستخدم ملاذات طالبان على أراضيها "وسيلة" لدفع الحركة الى التفاوض مع كابول.

لكن هذه الفرضية ليست محل اجماع. اذ يوجه قادة من طالبان الى وكالة الاستخبارات العسكرية الباكستانية تهمة التلاعب بحركتهم.

من جهتها، تعتبر مصادر من طالبان ردا على اسئلة لوكالة فرانس برس في باكستان، مبادرة قندهار "فخا من العدو".

- العيش في الخفاء -وفي كابول، لم يتخذ مجلس الامن القومي موقفا في هذا الشأن، مكتفيا بالقول ان من حق عناصر طالبان ان يعودوا الى أفغانستان والاستفادة من حماية الدولة.

وكان مسؤول أمني كبير اكد العام الماضي لوكالة فرانس برس، ان هدف الحكومة هو "ان تعيد عناصر طالبان من باكستان الى أفغانستان".

لكن العائدين الذين التقتهم وكالة فرانس برس قالوا انهم يعيشون عمليا في الخفاء خوفا من تعرضهم للانتقام.

ويشكك آخرون في جدوى مثل هذه الجهود. وتساءل الباحث رحمة الله أميري في كابول "ليس هناك عنصر واحد او اثنان او 300 من طالبان. ثمة آلاف منهم وجميعهم ليسوا في باكستان. كيف يمكن لهذه الخطة أن تترك أثرا؟".

ويعرب محمد من جهته عن قناعته بأن الأمر يستحق هذا العناء.

وعندما يصرخ أحد المتمردين في جهاز الاتصال مطلقا الشتائم والتهديدات، يكتفي بالقول "لا تخض حرب الاخرين. عد".

التعليقات 0