التايلانديون يستعدون لوداع "ملك الشعب"

Read this story in English W460

تمسك سومرسي بمجموعة من الصور العائدة للملك التايلاندي الراحل بومبيول ادوليادي وتتوقف عند واحدة منها تقول انها المفضلة لديها: صورة من ثمانينات القرن الماضي تظهر الملك جالسا على جسر خشبي بملابس غير رسمية خلفه شاحنة ويتحدث الى قروي.

وتقول سومرسي تروبسانغرسي في متجرها في الحي القديم في بانكوك حيث تبيع صورا للعاهل الراحل، ان لم يكن الملك مضطرا للتجوال في انحاء المملكة.

وتضيف المرأة البالغة من العمر 59 عاما "لكنه توجه الى هناك للعمل"، فيما اغرورقت عيناها بالدموع عند الحديث عن بوميبول او "راما الرابع" الذي تقام مراسم حرق جثمانه الخميس. وقالت "كان يجالس الشعب، كان بسيطا".

مثل العديد من التايلانديين، فإن الرابط الوثيق بين سومرسي والملك بومبيول الذي توفي قبل عام عن 88 عاما بعد حكم استمر سبعة عقود، يأتي بالفطرة ويتميز بالعاطفة.

وما يعزز التعلق به سرد لا يتوقف للآلة الدعائية للقصر.

فصوره كتلك التي تبيعها سومرسي تزين المنازل وواجهات المتاجر واللوحات الاعلانية فيما ذكريات أعماله الصالحة تتردد ليليا على قنوات التلفزيون التابعة للقصر.

من الصور الرسمية بالرداء الملكي الى لقطات لملك يتصبب عرقا وهو يجول في الادغال لمعرفة احتياجات بلاده، سيتذكر التايلانديون بوميبول كملك يسهل الوصول اليه، ثري ولكن دون بهرجة ويكرس نفسه دائما للشعب التايلاندي.

لم تكن صورة بومبيول أكثر بروزا مما هي الان عشية مراسم احراق جثمانه الخميس -- وهي مناسبة يتوقع ان تجذب نحو 250 ألفا من المشيعين الى الحي القديم في بانكوك.

ولا يزال التايلانديون يحاولون تكييف حياتهم تحت حكم ولي عهد يدير حاليا العرش المهيب وثروته الطائلة لكن لم ينسج بعد الرابط الوثيق نفسه مع شعبه.

والملك ماها فاجيرالونغكورن (65 عاما) تفصله مسافة أكبر عن رعاياه، وقد أمضى معظم سنة حكمه الاولى في الخارج علما بأنه سيكون الشخصية الرئيسية خلال مراسم التشييع.

لكن الحديث الصريح عن أي من الملكين مستحيل داخل تايلاند التي تزج بمعارضي النظام خلف السجون بموجب أحد أكثر قوانين التشهير قسوة في العالم.

- اعادة بناء المملكة -نشأ بومبيول في سويسرا واعتلى العرش في 1946 وهو في السن ال18 بعد اغتيال شقيقه الاكبر اناندا ماهيدول في ظروف غامضة في القصر الكبير (غراند بالاس) في بانكوك. وتم تتويجه بعد اربع سنوات على رأس مملكة كان نفوذها يتراجع باستمرار.

وعند وفاته كان ذلك قد تغير.

فقد ترك بوميبول وراءه مملكة هي من الاغنى في العالم، حيث القصر هو محور السلطات ومن بينها الجيش القوي.

ويقول ثيتينان بونغسوديراك استاذ السياسة في جامعة شولالونغكورك "كانت تايلاند بحاجة لملك يكون رمزا يلتف حوله الناس، وقد وجد ملك شاب شعبا لاعادة بناء مملكة حوله".

فقد اعيد احياء طقوس ملكية قديمة -- بينها السجود في حضرته -- وأضيفت الى العرش مهام روحية منحت بوميبول صفة نصف اله. وهذه الصفة جعلت من لقاءاته مع التايلانديين العاديين أكثر اهمية ي أمة تبجل اخلاقياته في العمل.

فخلال سنوات امضاها يجوب تايلاند طولا وعرضا، تمكن بوميبول من تنفيذ الالاف من المشاريع الملكية التي حظيت بدعاية واسعة في بلد ريفي فقير، مما اكسبه لقب "ملك التنمية".

وخرجت تلك الرحلات بمجموعة من الصور التي تظهر بوميبول كملك عطوف تخلى عن ترف مركزه ليضع شعبه في الاولوية.

وقام قسم العلاقات العامة في القصر بنشر تلك الرسالة. 

وكتب ثيتينان في تعليقات لوكالة فرانس برس "هناك الكثير من السير الذاتية المبجلة والاراء المفروضة رسميا بشأن المؤسسات التقليدية في تايلاند، لكن كل ذلك لم يكن لينجح لو لم يكن الملك بوميبول كما هو".

واضاف "الملك كان وفيا ولديه الولاء الى درجة ان الشعب راى ذلك ومع الوقت اصبح ذلك الرابط بينهم".

وشهد حكمه الطويل محاولات تمرد للشيوعيين تم القضاء عليها بمساعدة اميركية، واحتجاجات عنيفة وانقلابات عسكرية.

مع ذلك كان ينظر للملك بوميبول بأنه فوق كل النزاعات رغم علاقاته بالجيش وتأييده لمحاولات الجيش المتكررة للاستئثار بالسلطة من حكومات مدنية ضعيفة.

- توقعات كبيرة -تركت سمعة بوميبول الجيدة خلفه امام توقعات كبيرة.

والحياة الخاصة المبهرجة للملك الجديد ونفقاته ومنها نقل أسهم بقيمة 500 مليون دولار مؤخرا من صندوق ائتمان تابع للقصر، تغذي شائعات لا تتوقف.

ويعرب بعض المحللين عن القلق ازاء عدم الاستقرار في المملكة حيث تتولى الحكومة العسكرية مهام دولة تعاني من انقسامات سياسية فيما الملك الجديد لا يزال في بداياته.

لكن الانتقادات للملك الجديد يجب ان تبقى خلف ابواب مغلقة بسبب قانون يجرم اهانة الذات الملكية.

علنا رحب التايلانديون بالملك الجديد وقد رفعوا صوره في انحاء المملكة منذ اعتلائه  العرش العام الماضي.

وقال براباي سيبي "هذا الملك سيصبح الاب الجديد". وفي عمر 90 عاما لم يعرف هذا التايلاندي ملكا آخر. ويضيف "علينا ان نحترمه".

التعليقات 0